دور السفراء الاقتصادي مطلوب
سلامة الدرعاوي
قبل ما يقارب الـ15 عاماً وبتوجيهات ملكية مباشرة بدأت عملية إناطة دور اقتصادي للسفراء في الخارج، ليكونوا بذلك أداة ترويجية واستثمارية للمملكة مساندة للجهود الرسمية في هذا العمل.
في ذلك الوقت انطلقت فعاليات ثلاثة مؤتمرات للسفراء في الخارج على مدى ثلاث سنوات متتالية، وكان الحديث يتركز على الدور التنموي للسفير في الخارج، وكيفية تشبيك علاقاته مع فعاليات القطاع الخاص، وفعلاً كان الحماس كبيراً في هذا الشأن، وبدأ الدور الدبلوماسي للسفير يتطور هو وطاقم السفارة في الشأن الاقتصادي، وأخذ الزخم التنموي الرسمي ينمو شيئاً فشيئاً بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص، لكن للأسف، اختفى هذا المشهد وتراجع الدور الاقتصادي للسفارات، لا بل وتعرضت لنكسات واخفاقات علنية خاصة بعد سحب ما كان يسمى بالملحقين التجاريين، وذهبت كُل الجهود السابقة أدراج الرياح وكأن شيئاً لم يكن ولم يحدث أساسا.
لا شك ان السفير الناجح اليوم ليس فقط ينظر اليه من الجانب السياسي، فهذه في الغالبية تحكهما بروتوكولات وتعليمات من المركز، لكن التميز يكون في الشأن الاقتصادي ومدى تفهمه لاحتياجات بلده من استثمارات وتشاركية اقتصادية مع البلد الذي يعمل فيه.
السفير بأمس الحاجة إلى مرونة في عمله ليكون أكثر قدرة على التحرك مع القطاع الخاص للتشابك مع نظرائه في الدولة التي يعمل بها، وهو بأمس الحاجة إلى رجال الأعمال للاتصال بهم لمعرفة التحديات والعقبات التي تحول دون تنمية علاقات المملكة مع باقي الدول، ولا بد ان تكون له وسائل اتصال مرنة مع القطاع الخاص للاطلاع على احتياجاته والفرص والآفاق التي من الممكن ان يبني عليها السفير مع نظرائه في القطاع الخاص في البلد التي يعمل بها او حتى مع حكومتها او مع مختلف فعالياتها الرسمية.
القطاع الخاص بدوره مطلوب منه ان يتحرك بشكل أكثر زخما في الاتصال بالسفراء في الخارج وتوفير قاعدة البيانات والمعلومات الاقتصادية التي تمكن السفير من التحرك والمخاطبة مع الجهات المختلفة.
لاشك ان القطاع الخاص يملك موارد مالية كبيرة بإمكانها ان تدعم عمل السفارات في الخارج وتعزيز جهودها الاقتصادية الرامية أولًا وأخيرا لمساعدته على اختراق أسواق جديدة وتعزيز شراكاته مع مختلف دول العالم، فمساعدة القطاع الخاص للسفارات في الخارج هي في النهاية لدعم السفارة ولمساعدته على تنمية اعماله وانشطته وشراكات وزيادة صادراته.
التجارب السابقة للدور التنموي والاقتصادي للسفراء في الخارج كانت في كثير من جوانبها مؤلمة نتيجة غياب التقييم والمتابعة الرسمية لهم، إضافة لتغيير أولويات اعمال الحكومات السابقة وتقاعسها في إدارة الشأن الاستثماري والترويج للأردن، لكن ذلك لم يمنع من ظهور قصص نجاح مميزة لعدد من السفراء الأردنيين في الخارج الذي بادروا بأنفسهم لتعزيز دورهم الاقتصادي والاتصال المباشر مع القطاع الخاص، كسفرائنا في العراق ومصر ولندن والاتحاد الأوروبي وغيرهم ممن لا يتسع ذكرهم في هذا المجال والذين يحتاجون اليوم لدعم إضافي مؤسسي مبني على شراكة حقيقية وتفاهمات واضحة ومبرمجة مع القطاع الخاص، فالسفير هو مرآة الدولة في الخارج وحلقة الوصل الفاعلة في تنمية علاقات المملكة مع الخارج إن احسن تنظيم هذه العلاقة، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للسفراء.