الأسير القادري يروي قصص “أيام الحرية الخمسة”

غزة- "القدس العربي”: وسط تحذيرات بالعودة إلى تنفيذ الفعاليات النضالية ضد السجان الإسرائيلي، في حال لم يوفي بوعوده تجاه إنهاء معاناة الأسرى، ورفع العقوبات التي فرضها بعد عملية هروب الأسرى الستة، تقرر بشكل نهائي أن يغلق الأسرى في كافة السجون الفعاليات التي كانت مقررة الجمعة، والتي تبدأ بإضراب أكثر من 1300 أسير عن الطعام، فيما توالت قصص الأسرى الأربعة المعاد اعتقالهم، عن "الأيام الخمسة” الأجمل في حياتهم.

المعركة لم تنتهي
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، أن قرار الأسرى بتعليق الإضراب الجماعي عن الطعام لمواجهة "الإجراءات القهرية” التي تعرّضوا لها في أعقاب انتزاع 6 أسرى لحريتهم من سجن "جلبوع”؛ "لا يعني إنتهاء المعركة”.

وأوضح فارس، في بيان صدر عن نادي الأسير، أن إدارة سجون الاحتلال ما زالت تتخذ "إجراءات عقابية” بحق عدد من الأسرى، لا يزال بعضهم في الزنازين والعزل والتحقيق، علاوة على أن ستّة أسرى يواصلون الإضراب الفردي ضد اعتقالهم الإداري، ومنهم الأسير كايد الفسفوس الذي تجاوز إضرابه الستّين يومًا، كما أن أسرى "جلبوع” المعاد اعتقالهم ما زالوا يقبعون في أقبية التحقيق في ظروف صعبة.

ودعا فارس المواطنين إلى مواصلة الهبّة الشعبية الموحّدة والمساندة لنضال الحركة الأسيرة، للدفاع عن حياة الأسرى وكرامتهم، وقال "هذه المعركة لن تضع أوزارها حتى تنتهي كافة الإجراءات بحق الأسرى”.

المعركة لم تضع أوزارها والفصائل تدعو لاستمرار الفعاليات المناصرة

وقد قررت قادة الحركة الأسيرة تعليق الخطوات التصعيدية التي كان من المفترض أن تبدأ يوم الجمعة، وقالت هيئة الأسرى إن هذه الخطوة جاءت "بعد أن رضخت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي لمطالبهم، بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 5 أيلول الحالي”.

والجدير ذكره أن إدارة سجون الاحتلال، فرضت سلسلة إجراءات انتقامية ضد الأسرى، بعدما تمكن الأسرى الستة من الفرار من سجن "جلبوع” الاثنين الماضي، قبل أن يعيد الاحتلال اعتقال أربعة منهم، ومن ضمن العقوبات الانتقامية كان زج العديد من الأسرى في زنازين العزل الإنفرادي، واقتحام وحدات خاصة الزنازين والاعتداء على الأسرى، بشكل عنيف، بذريعة مراجعة التدابير الأمنية، وتقليص وقت الفورة وإغلاق الكنتينا، ونقل الكثير من الأسرى من أماكن اعتقالهم إلى سجون أخرى، ووقف الزيارات العائلية.

وأوضحت هيئة الأسرى في وقت ساق، أن الحركة الأسيرة وضعت خطة تدريجية للتصعيد خلال الفترة المقبلة، وأنها قررت حل كافة الهيئات التنظيمية لكافة الفصائل في مختلف السجون، وأن تدخل دفعات جديدة من الأسرى في هذه المعركة الثلاثاء القادم، بعد أن وضعت 11 مطلبا لتنفيذها من قبل سلطات السجون قبل وقف فعالياتها النضالية.

دعوات للتصعيد
وفي سياق الحديث عن ملف الأسرى، حذرت حركة الجهاد الإسلامي، من استفراد مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي بأسرى الحركة، على خلفية هروب الأسرى الستة، وأكد القيادي في الحركة داوود شهاب، أن إجراءات الاحتلال تهدف إلى إلغاء وجود جسم تنظيمي يمثل حركته في السجون، وأضاف منذرا الاحتلال "سنبقى في حالة استنفار عام للدفاع عن أسرانا”، وتابع "لن نتركهم مهما كلف ذلك من ثمن، وإن كل الخيارات مفتوحة لحمايتهم”.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، محمد حميد، أن حركته "لن تترك أبناءها في دائرة الاستهداف الصهيوني المتواصل داخل سجون العدو، وأن حمايتهم أمانة كما حريتهم أمانة في أعناقنا جميعاً”.

جدير ذكره أنه وبتعليمات من الرئيس محمود عباس، جرى تسليم رسالة من وزير الخارجية رياض المالكي للدول الأطراف السامية لاتفاقيات جنيف حول قضية الأسرى، حيث أكد المالكي أن هناك "حراك سياسي ودبلوماسي مكثَّف” يجري معَ المجتمعِ الدَّولي؛ للضغطِ على إسرائيلَ لتطبيقِ اتفاقيةِ جنيف، والتدخلِ الفوري والسريعِ لوقفِ الحملةِ الشرِسةِ التي شنَّتها على الأسرى، وتعرضِهم للضربِ والتنكيلِ بكافةِ أشكالِها خاصةً الأسرى الأربعَ الذين أُعيدَ اعتقالُهم.

وقد سلمت بعثة فلسطين في جنيف، رسالة من وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، للدول الأطراف السامية لاتفاقيات جنيف، حول موضوع الأسرى الأربعة الذين انزعوا حريتهم من سجن "جلبوع” وأعيد اعتقالهم، وباقي الأسرى داخل سجون الاحتلال، وبينت الوزارة في بيانها، أن الرسالة تضمنت، شرحا عن الوضع المتوتر نتيجة الاعتداءات على الأسرى، خاصة المضربين منهم عن الطعام.

كما قام المندوب الدائم بالاتصال مع المدير العام للصليب الأحمر الدولي وطالبه بضرورة التحرك الفوري وزيارة الأسرى الأربعة ومتابعة أوضاعهم الصحية وأوضاع باقي الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، كما التقى مع مديرة دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية السويسرية، وتم إطلاعها على الوضع المتوتر نتيجة الإعتداءات على الأسرى، في إطار حشد التأييد الدولي الواسع لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الأسرى.

وفي الإطار، بحث نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، مع أمناء سر الأقاليم، ومسؤولي لجان الأسرى في كافة المحافظات، الظروف الصعبة التي تمر بها الحركة الأسيرة.

وأكد العالول حرص القيادة الفلسطينية واللجنة المركزية على العمل بكل السبل والوسائل من أجل تحرير كافة الأسرى، مشددا على أن الحركة الأسيرة محط إجماع وطني، داعيا إلى استمرارية التفاعل والفعاليات في كافة الأقاليم، لنصرة الأسرى ودعمهم وإسنادهم وتعزيز صمود عائلاتهم.

كما أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس زاهر جبارين، أن الشعب الفلسطيني بفصائله وقواه كافة موحد خلف قضية الأسرى في سجون الاحتلال، مشددًا على أن قضية الأسرى تعد "قضية جامعة لشعبنا الفلسطيني، وهم ليسوا وحدهم”.

ذكريات الفرار الجميلة وتين فلسطين
إلى ذلك فقد تواليت قصص الأسرى الأربعة الذين اعيد اعتقالهم بعد فرارهم من سجن "جلبوع” عن الأيام الخمسة الأجمل طوال السنوات المريرة السابقة، التي قضوها خلف قضبان السجون، والتي تنفسوا فيها هواء الحرية، وعانقوا فيها أرض فلسطين، وأكلوا من ثمارها.

وفي هذا السياق، يقول الأسير يعقوب القادري، الذي أعيد اعتقاله، وسمح الاحتلال لمحاميته حنان الخطيب بزيارته مساء الأربعاء، أنه عاش أفضل أيام حياته هي الأيام الخمسة التي قضيتها في هواء فلسطين الطلق.

وذكرت المحامية أنه محتجز في زنزانة بمساحة متر في مترين تفتقد لكل مقومات الحياة، ولا يوجد فيها شيء سوى بطانية، بينما يركّز المحققون على التعذيب النفسي، حيث لا تزال جولات التحقيق مستمرة.

ونقلت المحامية عن الأسير القادري، قوله "كل ما أريده نسخة من القرآن الكريم”، بعد أن أبلغها أن أفضل أيام حياته هي الأيام الخمسة التي قضيتها في هواء فلسطين الطلق دون قيود، وقال "رأيت أطفالا في الشارع وقبلت أحدهم، وهذا من أجمل ما حدث معي”، لافتا إلى أنه قبل أحد الاطفال، وأكل التين والبرتقال من أرض فلسطين.

وقد كشف الأسير القادري أنه سيعمل مجددا للبحث عن حريته من خلال الهروب من جديد من السجن الإسرائيلي، وقال "طالما بقينا على قيد الحياة سأبحث عن حريتي مرات ومرات”.

وكان الأسيرين محمد ومحمود العارضة والأسير زكريا الزبيدي، الذين أعيد اعتقالهم مجددا، قالوا إنهم كانوا يأكلون ما يجدون من ثمار في البساتين كالصبر والتين، بعد أن غاب عنهم طوال السنوات الماضية في السجون، ووصفوا أيضا أيام الحرية الخمسة بأنها الأجمل في حياتهم.

وتمكن الأسرى منذ لحظة الهروب من السجن، تنفس هواء فلسطين والسير بين الجبال والوديان، ومشاهدة الأرض الخضراء والسماء الزرقاء، بعيدا عن غرف الزنازين المعتمة والقيود والسلاسل والأغلال.

وللدلالة على رمزية ما قام به الأسرى الذين نفذوا عملية الفرار، بحفر نفق الهروب بأدوات بسيطة منها ملعقة الطعام، استقبل محمد خليفة سفير فلسطين في بولندا، دبلوماسيين عرب وأجانب حضروا معرض "كل يوم مقاومة” الذي يقام في متحف "الاويازدوفسكي” في العاصمة وارسو، بدق الملاعق.

سفارة فلسطين في بولندا تستقبل الدبلوماسيين بـ”دق الملاعق”

وتحدث خلال استقباله للدبلوماسيين الذين حضروا للمعرض، عن حياة 4600 أسيرًا مخطوفًا في سجون الاحتلال، والتأكيد على أنها تعد شكل من أشكال الصمود والمقاومة التي يمارسها الشعب الفلسطيني بحثًا عن الحياة والحرية.

ومن المقرر حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن يستمر المعرض الذي افتتح أبوابه في شهر تموز الماضي، حتى نهاية شهر تشرين ثاني المقبل، ويعرض إبداعات عدد من الفنانين الفلسطينيين والبولنديين الذين عايشوا تفاصيل الحياة الفلسطينية.