سلوك أميركي مطلوب

حمادة فراعنة
حجبت الولايات المتحدة مبلغاً يتراوح بين 130 إلى 300 مليون دولار، كجزء من قيمة مساعداتها العسكرية والاقتصادية إلى مصر والبالغة سنوياً 1.3 مليار دولار.
وأوضحت الخارجية الأميركية، أن الوزير أنتوني بلينكن، سيواصل استخدام صلاحياته في حجب هذه الأموال حتى تستجيب القاهرة، لشروط تتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وضرورة معالجتها من قبل الحكومة المصرية « بشكل حازم لتشمل عناوين وإجراءات محددة، تتعلق بحقوق الإنسان».
شروط الولايات المتحدة بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية لمصر، حتى ولو كانت نواياها إيجابية، ودوافعها تحسين سمعة ومكانة وسلوك بلد صديق لها، خاصة وأن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، وصفت مصر على أنها «الشريك المهم للولايات المتحدة فيما يتعلق: بالأمن الاقليمي، ومكافحة الإرهاب، والتجارة».
سنسلم جدلاً على أهمية المطالبة الأميركية بمراعاة حقوق الإنسان لدى البلدان الصديقة والحليفة لها، ولكن ذلك يتطلب أن تشمل المطالبة الأميركية كافة من تقع عليهم صفة الصداقة والتحالف، وبهذا المعيار والمكانة تتفوق المستعمرة الإسرائيلية عن سائر أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة في العالم بظاهرتين:
أولاً: أن المستعمرة هي الصديق والحليف الأقرب لواشنطن، وتُبدي حرصها الدائم على تفوقها على بلدان العالم العربي كافة، وتعمل على حمايتها من أي أذى محتمل، حتى ولو كان من خارج العالم العربي ليشمل إيران وغيرها.
ثانياً: تتفوق المستعمرة على أي دولة في العالم في ممارسة التجاوز والمس بحقوق الإنسان، فهي تحتل: 1- أراضي ثلاثة بلدان عربية: فلسطين وسوريا ولبنان، 2- تُمارس أفظع الجرائم بحق الإنسان الفلسطيني في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967: الضفة والقدس والقطاع، في تدمير حياته ومنع الاستقرار المعيشي والسكني عنه، والتطاول على مقدساته الإسلامية والمسيحية، وقتل شبه يومي لمدنيين على شبهة المقاومة، وتغيير معالم فلسطين سكاناً وجغرافية واستيطاناً وتسكين أجانب بدلاً من أصحابها المطاردين، وتعمل على عبرنتها وأسرلتها وتهويدها، وتواصل سياسة الاحتلال وإجراءاته العسكرية شبيهة السلوك النازي، وترفض الانسحاب من الأراضي التي قررتها الأمم المتحدة للدولة الفلسطينية وفق القرار181، وضرورة الانسحاب وعدم الضم وفق القرار 242، 3- تمارس التمييز العنصري ضد المواطنين العرب الفلسطينيين في مناطق الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، 4- تحرم اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات التشرد في لبنان وسوريا والأردن الذين سبق وطردتهم من مدنهم وقراهم وبيوتهم، وتمنع حقهم في العودة واستعادة ممتلكاتهم وفق قرار الأمم المتحدة 194.
ألا تستحق المستعمرة التوبيخ والمساءلة وصولاً لفرض العقوبات رداً على هذه الجرائم البشعة التي تُدينها كافة المؤسسات الدولية من الجمعية العامة للأمم المتحدة، واليونسكو، ولجان حقوق الإنسان، وأمنستي، وهيومن رايتس ووتش الأميركية، واقرت محكمة الجنايات الدولية فتح التحقيق بشأن هذه الجرائم، ألا تستحق هذه الممارسات من قبل المستعمرة بمواجهة مماثلة وردعها عن مواصلة الأفعال المشنية، عبر حجب المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية البالغة 3.8 مليار دولار سنوياً، عن المستعمرة الإسرائيلية.