بين المغرب والجزائر .. قطيعةٌ مدمرةٌ
تحت عنوان: "القطيعة بين المغرب والجزائر: شرخٌ مدمر للمغرب العربي”، قال موقع "ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي إن إقدام المملكة المغربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء أدى إلى "تعفن” العلاقة البائسة بين المغرب والجزائر.
واعتبر "ميديابارت” أن خطوة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مثلت ضربت قوية للسلام في منطقة المغرب العربي الكبير، ولا سيما، قائلة إن قراءة ما بين السطور لنص الاتفاقية الموقعة من طرف واشنطن – الرباط – تل أبيب، تسمح لنا بفهم تدهور العلاقات مؤخرًا بين البلدين الجارين والذي يتجاوز موضوع الصراع على القيادة الإقليمية.
بحسب المحللة السياسية خديجة محسن فينان فإن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يدل على فشل الجزائر التي تدعم البوليساريو منذ 1975، وحتى وإن ام تعترف إدارة بايدن بأحقية المغرب في الصحراء الغربية، وايضا استمرار الاتحاد الأوروبي في التكتم حول هذا الموضوع، فإن الجزائريين يعرفون أنها مسألة وقت وأن المغرب سيمنح هذه الأرض، في تحد لعملية حل النزاع الصحراوي الموكلة إلى الأمم المتحدة منذ عام 1991. وبعد هذا الفشل، لم يعد للجزائر سيطرة على عدوه ومنافسه المغربي.
وتضيف المحللة السياسية أن المغرب اليوم، لم يعد يعمل بشكل أساسي في إطار المنطقة المغاربية، ولم يعد طموحه في الرائدة على مستوى المنطقة المغاربية، بل على مستوى قارة إفريقيا، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل يصيب في هذا السياق. ويريد المغرب – بحسب المحللة السياسية- أن يظهر لإسرائيل أنه قادر على التأثير بشكل فعال على الاتحاد الأفريقي من خلال مساعدة إسرائيل على استعادة مكانتها كمراقب داخل الاتحاد الأفريقي، وهي الصفة التي فقدتها في عام 2002، وهي خطوة أولى بالنسبة لإسرائيل تمهد إلى التمدد الجيو-استراتيجي في القارة الافريقية.
وأضاف "ميديابارت” نقلا عن الباحث لويس مارتينيز في صحيفة "لوموند” أن الجزائر بإعلانها يوم الـ 24 من شهر أغسطس الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ثم قررها بعد ذلك في 22 سبتمبر إغلاق مجالها الجوي على الفور أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية وجميع الطائرات التي تحمل رقم تسجيل مغربي، تؤكد أنها لم تعد تنظر إلى المغرب كمنافس بل كعدو محتمل يطمح إلى زعزعة استقرار النظام الجزيري الذي يعاني من ضعف اقتصاد البلاد بسبب انخفاض سعر برميل النفط في عام 2014، في ظل انسداد الأفق السياسي في البلاد منذ ظهور الحراك الشعبي السلمي في فبراير 2019.
وقد توالت عدة أحداث هذا الصيف أثارت غضب الجزائر، التي استنكرت "الأعمال العدائية المتواصلة التي يرتكبها المغرب ضد الجزائر”، منها مطالبة السفير المغربي لدى الأمم المتحدة بحق شعب القبائل في التمتع الكامل بحقوقه، بما في ذلك الحق في تقرير المصير. لترد الجزائر باتهام المغرب وحركة الماك التي تدعو إلى الحكم الذاتي في منطقة القبائل، بالتورط في الحرائق المميتة التي اجتاحت هذه المنطقة، كما كشفت الجزائر عن عمليات تجسس كبيرة على آلاف الهواتف الجزائرية عبر برنامج بيغاسوس الإسرائيلي، بما في ذلك كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.
ومضى "ميديابارت” إلى القول إنه بالإضافة إلى خطر إسقاط الجزائر لأي طائرة مغربية تدخل مجالها الجوي، تهدد الجزائر باستعمال الغاز كوسيلة ضغط على المغرب، من خلال وقف خط ميد غاز الذي يربط منشآت بني صاف الجزائرية بميناء ألميريا الإسباني المار تحت البحر الأبيض المتوسط. تصعيد ردت عليه المغرب بمد اليد للشقيقة الجزائر والدعوة إلى الحوار، دون أن تجد استجابة من الجزائر. في الاثناء تواصل الدبلوماسية المغربية السخرية من الجزائر العدوة كما حدث خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث اتهمت الجزائر بافتعال وتمديد أزمة الصحراء الغربية.
وأشار "ميديابارت” إلى أن المغرب والجزائر وجدا نفسيهما عالقين في مستنقع جيوسياسي في أعقاب الاستقلال، والصراع الحدودي في "حرب الرمال” في عام 1963. وباتت تربط بين البلدين المغاربيين الكبيرين علاقة تتسم باليأس الكبير للسكان الذين يوحدهم كل شيء: اللغة والثقافة والحضارة. وكان إغلاق الجزائر للحدود البرية مع المغرب في شهر أغسطس من عام 1994 على خلفية هجوم مراكش، حملت الرباط الأجهزة الاستخباراتية الجزائرية المسؤولية عن الهجوم. وقد مرت 27 سنة منذ أن تم فصل العائلات المغربية الجزائرية بالجدران والأسلاك الشائكة، ومُنعت من الالتقاء ببعضها البعض.
ميديابارت