الالتزامات المستقبلية ومسؤولية الإدارة العليا

الدكتورة هديل المعايطة
 
إنّ من مسؤوليات الإدارات العليا في المؤسسات أثناء عملية التخطيط الأخذ بعين الاعتبار أية التزامات مستقبلية عليها مؤكّدة كانت أو متوقعة. حيث يجب أن تغطي الخطط الاستراتيجية الموضوعة الفترة الزمنية لتنفيذ تلك الالتزامات. ولا يعفي تعاقب عدة إدارات عليا على مؤسسة من وجود تخطيط استراتيجي يحمي المصلحة من أية مخاطر مرتبطة بهذه الالتزامات.
في حال وقوع الادارات العليا بخطأ اهمال تلك الالتزامات فإنها تخلق مشكلة مستقبلية لها أو للإدارات العليا القادمة. وعلى الرغم من أن قرار إهمال تلك الالتزامات تتحمله الإدارة التي قامت به، إلا أن حل المشكلة التي تم ترحيلها لا يخرج من نطاق مسؤولية الإدارة الموجودة على رأس المؤسسة بمجرد استحقاق تلك الالتزامات. هذا وتتعمق مسؤوليتها بشكل أكبر في حال توفر معلومات سابقة لديها بوجود مشكلة مرحلة.
إن التعهدات المقدمة من قبل إدارات المؤسسات لموظفيها هي من أهم تلك الالتزامات خصوصا تلك المرتبطة باضراب سابق عن العمل. ويكمن خطر عدم الالتزام بهذه التعهدات بتنفيذ اضراب مستقبلي أكثر قوة، مما سيعطل أعمال هذه المؤسسات ويهدد مصالحها بالإضافة إلى أنه سيؤثر بشكل سلبي على صورتها.
كون هذا النوع من التعهدات مرتبط بموظفيها فقد تقوم المؤسسات بالتنصل من مسؤولياتها لأسباب تتعلق بعدم قدرتها على الالتزام المالي الفوري. بغض النظر عن قدرتها أو عدم قدرتها على الالتزام الفوري بتلك التعهدات، فإن إدارة عملية الاستجابة لأزمات مشابهة يجب أن لا يخلق أزمات جديدة. إن ظهور ادارات المؤسسات بشكل سلطوي وتعنتها وتنصلها من مسؤوليتها تكون نتيجته الطبيعية كارثية في حال منطقية المطالبات وتعاطف الرأي العام مع المضربين. حيث مواجهة الادارات لعمل جماعي من قبل الموظفين واخماد الأزمة بطرق الانكاروالاتهامات وتضليل الاعلام والرأي العام هو خطأ تقليدي فادح لا يصمد في ظل استخدام تكنولوجيا الاتصالات التي تفرض وصول وانكشاف الحقائق. إن فشل تلك المؤسسات بإدارة حوارها مع الموظفين خصوصا ومع الاعلام عموما قد يخلق أزمة علاقات عامة يبقى أثرها لما بعد انهاء الأزمة الأصلية وينهك موارد تلك المؤسسات لعلاج مصداقيتها.
تفرض إدارات المؤسسات هيبتها من خلال احترام كافة الاطراف التي تتعامل معها في مثل هذا النوع من الأزمات. ويترجم ذلك في حالة عدم قدرتها على التنفيذ الفوري لمجمل التزاماتها على الأقل بإظهار نية حقيقية في احتواء الأزمة والجلوس على طاولة مفاوضات لنقاش شروط اتفاقية للوفاء بتعهداتها لموظفيها ضمن اطار زمني جديد.
- دكتوراة في إدارة الاعمال