النضوج الديمقراطي ...
حتى أكثر البلدان تقدما في الحياة الديمقراطية لم تتمكن من الوصول الى ذروتها إلا بعد مشوار طويل من المخاضات السياسية والتطبيقات الضعيفة لمباديء الديمقراطية بجذورها والتي تشكل حالة السمو الديمقراطي بكل تفاصيلها وحيثياتها.
فعاشت تلك الدول مراحل من الإخفاقات والإختلالات في مسيرتها حتى نضجت الفكرة في أذهان شعوبها قناعة وثقافة التي فهمت أدوات تحقيقها من خلال خلق أطر متعددة توافق عليها مجاميع من الناس وانتجت برامج وتوجهات ساهمت في نهضة تلك البلدان وتقدمها وازدهارها.
فالمنطلق كان وطنيا فكرا وعقيدة ،، فلا أفكارا مستوردة ولا نضالات وهمية وأفكار كرتونية زائفة لا تخدم معتقدات وطنها من خارج حدود بلدانها..ولهذا نجحت التجربة وتجذرت لأن منطلقات من نضجوا ديمقراطيا أسسوا هذا على مباديء وثوابت وبرامج تخدم الشأن الوطني ومصالحه العليا والذي بالنهاية يعود نفعا وخيرا على بلدانهم وشعوبهم ما أقنع جمهورا عريضا بالمنهج الديمقراطي فانخرطوا فيه ضمن مؤسسات مدنية وأحزاب يملك كل منها رؤى تخدم مصلحة الجميع بعيش حر وكريم وبمشاركة شعبية عبرالرأي والبرنامج في اختيار من يمثلهم في صناعة القرار الذي يقوي الدولة ويساهم في تحقيق تنمية شاملة تؤسس لنهضة واسعة في دولهم واوطانهم.
نحن ، في الأردن نملك كل المقومات لتعزيز مسيرتنا الديمقراطية نحقق من خلالها كل أهدافها النبيلة ، فلدينا نظام حكم بطبعة إنساني وأخلاقي ويحمل رسالة تقوم أساسا على ثوابت وقيم تؤمن بدور الشعب في تحقيق الغايات في كل أبعادها الوطنية والإنسانية، كما نحن شعب من أكثر شعوب الدنيا تأهيلا وثقافة ونضوج ما يمكننا من بناء مجتمع ديمقراطي وبمؤسسات وتشريعات تضمن بناء دولة المؤسسات والقانون فتكون النموذج الأكثر تميزا بين بين دول المنطقة والإقليم والعالم..وفي واقع الحال نحن كذلك بسبب ما يملكه الشعب الأردني من قيم وتقاليد وأسس راسخة في بعدها الوطني والعربي والاسلامي والانساني.
ومن هذة المنطلقات جميعا علينا التقاط اللحظة السياسية والتوجهات الصادقة والجادة لتحديث المنظومة السياسية على أسس بناءاته القانونية والتشريعية واستثمار كل الأفكار الواعية المعززة لمسيرة تؤصّل واقع الديمقراطية وتحصنها بكل مقومات الاستمراية والنجاح لا بل تطورها الدائم وصولا الى حالة من السمو بين النظرية والتطبيق.
الأردن يستحق الأفضل دائما وأبدا بعمل مخلص دؤوب من كل أبنائه بعيدا عن شعارات خشبية يطلقها البعض القليل الذي يهوى ممارسة القفز في الهواء.
إن الفرص المتاحة أمامنا كبيرة جدا لننهض بوطننا ومجتمعنا على قاعدة عملية الإصلاح الشامل المدعوم من القيادة السياسية وعلى رأسها جلالة الملك ، والشعب يملك مخزونا هائلا من الشعور الوطني والحس بالمسؤولية إضافة إلى الكفاءة والخبرة والنضوج بفهم الديمقراطية واستحقاقاتها والقدرة على ترجمة كل هذا على أرض الواقع.
فوطننا يستحق الأفضل بوعي وحكمة قيادته وبعزم وعزيمة كل أبنائة الصادقين.
محمد هشام البوريني