نعم، ثمة جدوى من الكتابة وفائدة !
محمد داودية_نشهد «صحوة» جميلة تتمثل في حفاوة الناس بالكِتاب والكُتّاب، نتابع هذا الإقبال على كتب السيرة والمذكرات، الذي أعادنا إلى فترة، شهد الكِتابُ فيها إجلالا وإقبالا، انعكس على الكُتّاب أنفسهم مكانة معنوية عالية.
أما سؤال ما جدوى الكتابة عموما والصحفية تحديدا، فقد كان سؤالا محرما سياسيا وأخلاقيا وثقافيا في الزمن الغابر!
ففي السبعينات كان المواطنون يتخطّفون المقالات التي تحمل قضاياهم وهمومهم. كانوا ينتظرون مقالات كتابهم الذين يرفضون أو يخجلون من بيع أقلامهم ونزاهتهم. ولذلك كان الكاتب الصحفي يمنعُ من الكتابة ويفصل من العمل.
اكتب مقالتي «عرض حال»، منذ عام 1977. وتوقفت عن كتابتها طوعا، عدة مرات، لأنني التحقت بالوظيفة الرسمية في الديوان الملكي ووزيرا وسفيرا. وأُوقِفت المقالةُ عدة مرات، كُرها و سفها!
كتبت آلاف المقالات. وأسجل إنها درّت عليَ مردودا معنويا لا يقدر بثمن. ومن تفاعلي مع أهلي، أسجل أن ناسنا يقرأون المقالات، على عكس التقييمات الانطباعية. وإن تأثيرها لا يزال مستمرا. وأن التفاعل معها لا يزال في وتيرة مناسبة.
إن الضخ المضاد للمقالات الموضوعية الرائقة، ضخم وواسع على منصات التواصل الاجتماعي. وإن رفض رأي الآخرين، الذي لا يتطابق مع رأينا «حدّث ولا حرج»!.
ولذلك اصبحت الكتابة النزيهة الملتزمة بهموم الناس وقضاياهم، نحتا في صخر، بعدما كانت غَرْفا من بحر.
وأسجل، أنني أسمع نفس التقييم والحُكْم، على كاتب ما، في أوساط مختلفة، ومناطق متعددة، ومستويات ثقافية وسياسية متباعدة! فـ»ألسنةُ الخَلق، أقلامُ الحق».
واذا كان صحيحا أن رضى الناس غايةٌ لا تُدْرك، فيجب ان يظل رضى الناس غاية لا تترك.
إن إحدى المشكلات التي تصادفنا، هي فئة من القراء الذين يقرأون العناوين دون المضامين، الذين يبنون على العناوين أحكاما نهائية ليست قابلة للنقض، تكون حادة احيانا.
وأن إحدى المشكلات المطروحة بإلحاح على كتابنا اليوميين، هي ضرورة مراعاة أن المواطن لا يقرأ المقالات الطويلة، ولذلك خفّضت عدد كلمات مقالتي من 450 و400 كلمة إلى 300.
قناعتي هي أن ثمة جدوى وبعض الفائدة.