حكومة الخصاونة بعد عام
نضال منصور _مضى عام على تشكيل حكومة الرئيس بشر الخصاونة، وهي اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى استعادة ثقة الشارع، والقدرة على مواجهة التحديات التي تتناسل، وتعترض مسيرتها، وتُعطل إمكاناتها للعمل.
بعد عام تقف حكومة الخصاونة أمام مستجدات جديدة أبرزها؛ انتهاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من أعمالها، والاستعداد للبدء بورشة عمل لترجمتها إلى تعديلات دستورية، ومشاريع قوانين، ورئيس الوزراء تعهد بالامتثال للتوجهات الملكية بإحالتها لمجلس الأمة للسير في إجراءات إقرارها.
التحدي للحكومة ليس في إقرار منظومة التحديث السياسي، فالبرلمان يقرأ، ويعرف أن الإرادة السياسية متمثلة برأس الدولة تريد إقرارها بأسرع وقت ممكن، ودون «عبث» بمخرجاتها، ولذلك فإن القيادة القادمة لمجلس النواب ستكون قادرة على إدارة هذه المعركة باقتدار، وباعتقادي لن تجد حزمة القوانين للمنظومة السياسية معارضة واسعة.
التحدي الأكبر للحكومة يُظهره استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية حين أعلن 57 % من الناس أنهم لا يثقون في الحكومة، وتراجع التفاؤل بها بعد 200 يوم على تشكيلها ليصل إلى 38 %، في حين أن 42 % فقط يعتقدون أن الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها، ولا يعرف موقف الشارع الآن بعد مرور عام على تشكيلها، ولكن القراءات والمتابعات تبين عدم الرضى عن أدائها.
حاولت الحكومة القيام بإجراءات لتحسين سمعتها، وشعبيتها، وسعت لمعالجة ملفات مُقلقة، كانت وما زالت تُثير نقمة الناس، فاستجابت للرغبة الملكية لدراسة قضايا «إطالة اللسان»، وأوعز رئيس الحكومة لوزير التربية بمراجعة قرارات الاستيداع للمعلمين.
الحقيقة التي تدركها الدولة أن الإصلاح السياسي لا يمكن أن يمضي ويتحقق فقط بإقرار مخرجات اللجنة الملكية للتحديث، فالأمر أكثر جذرية ويتعلق بحريات وحقوق المجتمع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وحسنا فعلت الحكومة بمحاولتها نزع صواعق الانفجار لأزمات كانت في غنى عنها، وواقع الأمر أن ما قامت به حتى الآن لا يكفي.
لا تحتاج الحكومة لكثير من النصائح لتعرف مفاصل الأزمات في البلاد، وتتحرك سريعا لتذليلها، وامتصاص حالة الغضب، وبعض العناوين واضحة، وفكفكتها تُخفف الاحتقان في المشهد السياسي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الجرأة في إغلاق ملف نقابة المعلمين أولوية، بما يكفل حق التنظيم النقابي، وينصف المعلمين والمعلمات، ويضمن حقوقهم وفق التفاهمات التي أقرت إبان حكومة عمر الرزاز.
ومن الإشكاليات التي يجب أن تنتهي في البلاد استمرار التوقيف والحبس في قضايا حرية التعبير، فلا يجوز ونحن ندخل المئوية الثانية للدولة أن يتواجد خلف قضبان السجن معتقلون على خلفية قضايا الرأي مهما كانت عناوين التهم، وهذا ينقلنا حكما إلى أهمية مراجعة التشريعات لمواءمتها مع الحقوق الدستورية، والتزامات الأردن في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها، وأول الخطوات إزالة النصوص القانونية الفضفاضة مثل تقويض نظام الحكم، وإثارة النعرات، والمس بالوحدة الوطنية، والتي تستخدم وغيرها الكثير لملاحقة النشطاء/ الناشطات، وفرض قيود مُرهقة على حرية التعبير والإعلام.
لا يمكن حصر الأزمات في الجوانب السياسية، فظلال التحديات الاقتصادية والاجتماعية أكثر تأثيرا، وتحدث شروخا في بنية المجتمع.
بعد رفع الحكومة كل التدابير المتعلقة بجائحة كورونا – باستثناء وقف العمل بقانون الدفاع- السؤال كيف ستنجح خطة التعافي الاقتصادي؟
ماذا ستفعل الحكومة لمواجهة زيادة معدلات البطالة والفقر، وما هي خطتها لتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الهشة التي تزداد معاناتها، وكل يوم تتعرض للانسحاق أكثر فأكثر؟
كيف ستواجه الحكومة تراجع جودة الخدمات الصحية التي كانت حديث الناس في الأسابيع الماضية، وما هو السبيل للارتقاء بالتعليم ومخرجاته؟
المعلومات الراشحة أن رئيس الوزراء سيجري تعديلا وزاريا في القريب العاجل، وربما هذا مطلوب، فالمرحلة القادمة تتطلب فريقا سياسيا قادرا على توليد الفرص لصناعة التغيير، وبالاتجاه الآخر إعادة النظر في الفريق الاقتصادي، فمهمته أن يجد المعادلة التي تخرجنا من المرحلة الحرجة ما بعد كورونا، وتقودنا إلى أول طريق النهوض والتعافي