الحكومة والإصلاح.. اقتدار وسعي جاد للتنفيذ

نيفين عبدالهادي_وضعت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية نقطة عند انتهاء سطور مهمتها بعد تسليمها تقريرها لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني في الثالث من الشهر الحالي، بعد أن أنهت أعمالها من خلال تقديم مشروعيّ قانونين جديدين للانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية المرتبطة حكماً بهما وبآليات العمل النيابية، إضافة إلى توصيات خاصة بتطوير منظومة تشريعات الإدارة المحلية، لتبدأ سطور جديدة في مسيرة الاصلاح تستلم دفّتها الحكومة لمتابعة مراحلها الدستورية والتشريعية، وصولا لجعل هذه المسيرة واقعا ملموسا ينعكس على تفاصيل حياة المواطنين كافة.
الحكومة مهمتها التنفيذية ليست سهلة، ففيها الكثير من الخطوات والإجراءات، والتي باشرت بها سعيا لتنفيذ نتائج وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من خلال إرسال مسودة التشريعات إلى ديوان التشريع والرأي للسير في إجراءات ومراحل إقرارها، فيما ستعكف على تنفيذ التوصيات المتعلقة بالمرأة والشباب والإدارة المحلية من خلال المؤسسات والوزارات المعنية، خلال المرحلة القادمة، واضعة بذلك نهج عمل واضحا لإدخال عمل اللجنة حيّز التطبيق.
وفي خطوة ايجابية بدأتها الحكومة لغايات طرح نتائج وتوصيات اللجنة الملكية، وشرح تفاصيلها والإستماع لكافة الآراء بشأنها، بدأت منذ نهاية الأسبوع الماضي بتنظيم سلسلة من اللقاءات التواصلية مع إعلاميين وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات تُعنى بالشباب وشؤون المرأة، كان أولها لقاء جمع عددا من الاعلاميين والصحفيين في دار رئاسة الوزراء تم خلاله توضيح توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تحدث خلاله وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة ووزيرة الدولة للشؤون القانونية وفاء بني مصطفى، حرصا خلاله على وضع الاعلاميين بصورة كافة مخرجات اللجنة الملكية وتوضيح بعض التفاصيل التي تحتاج إلى ايضاحات، ولم يقفا عند أي استفسار كون اللقاء أخذ طابع النقاش بعيدا عن النمط التقليدي والاستماع لكافة الآراء.
اللقاء الذي سعدت بالمشاركة به، يعدّ خطوة حكومية هامة ورائدة في شرح مضامين توصيات اللجنة الملكية، والاستماع للآراء كافة بشأنه، وخطوة استباقية لقراءة آراء الشارع من خلال الاعلام ووسائله المختلفة، اضافة لوضعه بصورة تفاصيل هذه التوصيات ليتمكن من نقلها وشرحها بصيغ واضحة للجميع، ليكون الاعلام شريكا حقيقيا في شرح مضامين التوصيات، وتنفيذها، فكانت رسالة حكومية هامة بأنها جادة في جعل هذه التوصيات نهج عمل وأسلوب اصلاح.
الحكومة لم تتحدث عن خطوة تنفيذ توصيات اللجنة الملكية بمجرد كلمات ووعود تضاف لمسيرة تعثرت خطاها لأكثر من مرة فيما يخص الاصلاح، إنما بدأت فور الاعلان عن توصيات عمل اللجنة الملكية بخطواتها العملية لجعل منظومة الاصلاح مجسدة على أرض الواقع، وعلى مسارات مختلفة كان أبرزها تشريعا حيث أقر مجلس الوزراء خلال جلسته يوم الأربعاء الماضي الأسباب الموجبة لكلّ من: مشروع تعديل الدّستور، ومشروع قانون الانتخاب لمجلس النواب، ومشروع قانون الأحزاب السياسيّة، وفقاً لتوصيات اللّجنة الملكيّة لتحديث المنظومة السياسيّة، وأحالها إلى ديوان التشريع والرأي للسير في إجراءات إقرارها، فيما بدأت في مسار آخر تقدّم ايضاحات واسعة وتفصيلية لهذه التوصيات ولكافة الجهات ذات العلاقة من خلال سلسلة لقاءات بدأتها يوم الخميس الماضي، وستستمر بها لجعلها ثقافة بأبجدية واضحة للجميع.
اللقاء أعطى رمزية هامة جدا، لجهة جدية الحكومة في تنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ولجهة عمقه وما قدمه من معلومات وما أجاب عليه من أسئلة دارت في ذهن الاعلاميين والمواطنين، وآلية اداراته بكل وضوح وشفافية والاستماع للرأي والرأي الآخر، لنخرج جميعا بثقة أن الاصلاح قادم، والحكومة تتحمّل مسوؤلياتها الاصلاحية باقتدار وحكمة وسعي جاد للتنفيذ.