القانوني رايق المجالي برسالة لجلالة الملك المعظم.. قانون الجرائم الإلكترونية يا سيدي...

إلى مقام حضرة صاحب الجلالة المعظم :...


سيد البلاد ومليكها وقائد نهضتها والداعي في كل السبل والمحافل والمناسبات إلى ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتنفيذ خطط الإصلاح التي وجهتم جميع السلطات- التي أنتم رأسها - لتنفيذها وترجمتها إلى واقع يلمسه المواطن الأردني.

مولاي المعظم،،،

لقد أعطيتم الحكومة الحالية وجميع السلطات وكذلك الشعب مثالا على كيفية وضرورة تفهم وإستيعاب ما تخلقه بعض التشريعات أو بعض النصوص من عقبات أمام الإصلاح من جهة ومن مشاكل قضائية للمواطنين تؤثر على المناخ الأردني من جهة أخرى وذلك بصدور إرادتكم السامية بتشكيل اللجنة الملكية لتطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسة في المحور السياسي وكذلك صدور توجيهاتكم المباشرة للحكومة لإعداد مشروع العفو الخاص من قبلكم عن جرم (إطالة اللسان) وذلك لما أدركتم جلالتكم من إنحراف تطبيق بعض التشريعات والنصوص فيها وتحويلها إلى أدوات في أيدي السلطات تمارس من خلالها قمع الحريات أحيانا أو خلق الأزمات والإحتقانات أحيانا أخرى...!

جلالة الملك المعظم عميد الهواشم وقائدنا وحادينا،،،،

لقد تم سن تشريع جزائي هو قانون الجرائم الإلكترونية قبل سنوات وأصبح نافذا برغم ما ثار حول كثير من بنوده من نقاشات في مرحلة إعداده ومناقشته تحت قبة البرلمان وكان من الجرائم التي ورد النص عليها كجرم يقع بالوسيلة الإلكترونية التي يشمل تعريفها كل وسائل المرئي والمسموع والمقروء في هذا الأوان وهي جريمة أو جرم (الإساءة لمؤسسة) والذي جاء النص عليها بعبارة فضفاضة يدخل تحتها كل ما يوجه لأي مؤسسة من نقد أو إشارة لحدوث واقعة أو وجود خلل أو تقصير أو مخالفة للقوانين والأنظمة، وأصبح هذا النص أداة لجميع المؤسسات والحكومية والرسمية على وجه الخصوص لتحاسب كل مواطن على أي كلمة بحقها إن لم تكن مدحا أو تزلفا وأصبحت كل ملاحظة لا تعجب المسؤولين في المؤسسات أو تزعجهم جرما يلاحق عليه قائلها أو كاتبها مهما كانت صفته أو منطلقه وقد ثبت بالتجربة ومن خلال واقع التطبيق أن لا أحد يستثنى أو لديه حصانة من مقاضاته حتى نواب الأمة، فقد سجلت أمام المحاكم الجزائية شكاوى بجرم الإساءة لمؤسسة ضد نواب تطرقوا لشبهات فساد في مؤسسات في هذا الوطن والعدد الأكبر كان للشكاوى التي تسجل ضد موظفين عمومين بمختلف درجاتهم ومستوياتهم الوظيفية سواء أكانوا على رأس عملهم أم تقاعدوا أو إستقالوا ...!

سيدي ومولاي صاحب الجلالة المعظم :

أعرف أنا بحكم تخصصي ويعرف معي أهل القانون أن لكل تشريع ولكل قاعدة قانونية أهدافا مخصصة ووظائف توضع التشريعات لتحقيقها وقد شرحتم يا مولاي في ورقتكم النقاشية السادسة عن (سيادة القانون) جوهر هذا المبدأ ومنطلقه وهدفه وهو تحقيق العدالة وهذا الذي خالفه وضع هذا النص المتعلق (بالإساءة لمؤسسة) على الشكل النافذ وما خالفه التطبيق العملي لهذا النص فأصبح وجود هذا النص أداة لقمع الموظفين وردعهم عن تناول الشأن العام والحديث عن أي قضية قد تشكل خطأ بحسن نية أو قد تشكل شبهة فساد وبسوء نية ولم يحقق هذا النص ما وضع له أو ما كان السبب الموجب وهو كبح الإشاعات الكاذبة، وفقط مورس تكميم الأفواه على الموظفين العمومين حتى لا تصدر عنهم أي إشارة لخلل أو ما قد يعتبر شهادة عيان على ما يشكوا منه الناس أحيانا...!

مولاي المعظم،،،

لقد تعودنا وثبت لنا أن جلالتك الملجأ الوحيد دائما عندما تغلق جميع الآذان والأبواب لإنصاف الوطن أو إنصاف فرد فيه وهذا ما دعاني لمناشدة مقامكم السامي لتوجيه من ترونه يلزم للنظر في هذا النص وهذا الجرم- الذي أستحدث مؤخرا- جنبا إلى جنب مع تفضلكم بتوجيه الحكومة لإعداد مشروع العفو عن مرتكبي جرم (إطالة اللسان) فمقامكم السامي أولى بالحماية من مقام مسؤول أو مؤسسة ومع ذلك تكرمتم بالعفو عما لا يقبله أردني شريف من إساءة ولو بحرف وهذا ما يقتضي أن تدرك الحكومات والمجالس النيابية الرسائل الملكية وأن تلتقطها وتستوعب جيدا المعاني التي تتضمنها توجيهاتكم ودعواتكم للسير الجاد في الإصلاح وأهم أدوات الإصلاح هي تنقية التشريعات وتطويرها لتحقيق الأهداف والمصالح العليا للدولة، وعن هذا التشريع والنص لا نطالب إلا بتجويد النصوص لإحكامها وضبطها لتحقيق أهدافها المخصصة أو إلغاء ما يستخدم في إتجاهات خاطئة..! 

حفظكم الله مولاي المعظم ورعاكم وسدد خطاكم ومعكم سندكم وسندنا سمو ولي العهد الأمين وأعزكم وأعز هذا الوطن الأغلى بكم وبقيادتكم الهاشمية المظفرة.

والله والوطن من وراء القصد. 

القانوني والحقوقي : رايق عياد المجالي.