الانقلاب السوداني
حمادة فراعنة _ليست المرة الأولى، منذ استقلال السودان يوم الأول كانون ثاني عام 1956، يطيح العسكر بالمدنيين، ولو تم إختصار تسمية الصراع في السودان لتم وصفه على أنه صراع بين المدنيين والعسكريين.
سجل العسكر أول انقلاب ناجح لهم ضد المدنيين في شهر تشرين ثاني نوفمبر 1958، قاده الفريق إبراهيم عبود ضد الحكومة الإئتلافية المكونة من حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي، اسماعيل الأزهري كان رئيساً للدولة وعبد الله خليل رئيساً للحكومة.
وبقي الحكم العسكري متسلطاً على رقاب السودانيين حتى زال على أثر ثورة شعبية أطاحت به عام 1964، ليحكم السودان تحالفات حزبية، وحكومات حصيلة الانتخابات، حتى تمت الإطاحة بها من قبل العسكر.
وسجل جعفر النميري أنه قاد انقلاباً عسكرياً ناجحاً ضد المدنيين عام 1969، انقلاب «25 مايو» أيار، وحكم السودان بالتسلط والأحادية لأكثر من 16 عاماً، بطش بمن بطش، وأعدم من أعدم، حتى تمت الإطاحة به بثورة شعبية، من قبل شعب باسل شجاع، دفع تضحيات حتى فرض حضوره من قبل الشارع، ليصير حكم المدنيين عبر الأحزاب والانتخابات.
وسجل عمر البشير أنه قاد إنقلاباً عسكرياً ناجحاً، نجح فيه ومن خلاله العسكر للمرة الثالثة في الاستيلاء على السلطة، يوم 30 حزيران 1989، ضد الحكومة المدنية الحزبية المنتخبة برئاسة الصادق المهدي، وأطلق عليها «ثورة الإنقاذ الوطني» ، وبقي البشير حاكماً للسودان بالتعاون مع الجبهة القومية الإسلامية وقائدها حسن الترابي، إلى أن انفكا عن بعضهما البعض.
تمت الإطاحة بحكم البشير عبر ثورة شعبية، انفجرت في شهر كانون أول 2018، ورحل عن السلطة يوم 11 نيسان 2019، بقرار من الجيش، وتسلم السلطة الفريق عبدالفتاح البرهان بعد تفاهم مع الحركة الشعبية وقواها السياسية المؤتلفة تحت شعار ومسمى «قوى إعلان الحرية والتغيير» .
في 17 آب أغسطس 2019 تم الاتفاق بين العسكر والمدنيين على وثيقة دستورية، والتوصل إلى فترة انتقالية تقوم على الشراكة بين المدنيين والعسكريين، حتى شهر كانون ثاني 2024، ليقوم العسكر بتسليم المدنيين السلطة ولكن كعادتهم لا يلتزموا بالوثائق والتعهدات، ويستأثروا بالسلطة.
انقض العسكر بالأمس الاثنين 25 تشرين أول 2021، على السلطة واعتقلوا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي رفض المساومة والتنازل للعسكر ورفض تأييد خطواتهم أو قبولها، والمعروف عنه العناد والمبدأية، فقد سبق وأن رفض أن يكون وزيراً للمالية أثناء حكم البشير، وها هو يرفض حكم العسكر وتسلطهم، الذين لم يتجاوبوا مع روح الشراكة ومتطلباتها، فانقضوا على السلطة ليعود السودان مرة أخرى إلى حكم العسكر.
الانقلابات العسكرية الناجحة: 1- إبراهيم عبود، 2- جعفر نميري، 3- عمر البشير، 4- عبد الفتاح البرهان، لم تكن وحدها تحركات العسكر وطموحاتهم، بل تخللها انقلابات عديدة فاشلة: 1- إنقلاب إسماعيل كبيدة وهو أول انقلاب عسكري عام 1957، 2- إنقلاب هاشم العطا 1971، 3- إنقلاب حسن حسين 1975، 4- إنقلاب محمود نور سعد 1976، 5- إنقلاب عبدالقادر الكدر ومحمد عثمان 1990، 6- إنقلاب أحمد خالد 1992، 7- إنقلاب هاشم عبدالمطلب 2021، ضد المجلس العسكري يوم 11 تموز 2021.
السودان بلد الإنقلابات، مثلما هو بلد الثورات الشعبية، واليوم هو على صفيح ساخن، يسير نحو المجهول، فمن ذا الذي سيفلح؟؟.
واضح أن العسكر يتحكمون، ولكن المعطيات من المتعذر أن تسير لصالحهم!!.