ماذا يخططون للأقصى هذه الأيام؟
ماهر ابو طير
لا أعرف ماذا بإمكان الأردن أن يفعل أمام الاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى، فهذه الاقتحامات خطيرة جدا، ومحرجة، حتى لو بقينا نتحدث ليل نهار عن وجود ألف من موظفي اوقاف القدس، الذين ينفق عليهم الأردن، داخل المدينة المحتلة؟.
يوم أمس اقتحم عشرات المستوطنين، المسجد الاقصى مجددا، ومن بين هؤلاء المستوطنين ثمانية وعشرون من عناصر مخابرات الاحتلال، وعشرة من طلاب المعاهد الدينية، ووزير الزراعة الإسرائيلي السابق اليميني المتطرف أوري أرائيل، حيث دخلوا على شكل مجموعات متفرقة، ونفذوا جولات استفزازية في باحات الاقصى، وأدوا طقوسا تلمودية بالمنطقة الشرقية منه، كما شهدت القدس القديمة وبواباتها إجراءات عسكرية تتمثل بالتفتيش الدقيق للمقدسيين والمصلين في الأقصى، إضافة إلى استفزاز الفلسطينيين وذلك لتأمين اقتحامات المتطرفين.
هناك دور كبير على الأردن، فهو الذي يرعى المسجد الاقصى، وهو الذي يدير اتصالاته مع دول كثيرة، بشأن المسجد الاقصى، خصوصا، في حالات الخطر، والواضح تماما، ان الاقتحامات تتزايد، واصبحت يومية، منذ احداث رمضان هذا العام، وبشكل يقوم على التحدي وتحييد اوقاف القدس، الذين لا يتدخلون ولا يمنعون ايضا محاولات الاقتحام الاسرائيلية، وهذا امر يتوجب توضيح اسبابه ودوافعه.
كل مرة يخرج علينا مسؤولون للتصريح حول المسجد الاقصى، وهذا غير كاف، ولن يمنع اسرائيل عن مواصلة سياساتها، لأن التصريح عبر مستويات فنية يقول اننا ندير الملف، وعليه ازمات ومشاكل وخلافات، هذا على الرغم من ان القصة اعقد من ذلك بكثير، وبحاجة الى موقف رسمي سياسي على مستوى عال من الأردن، من حيث مستوى رد الفعل، والطريقة التي يقدم فيها موقفه.
المراهنة هنا على سلطة رام الله، مراهنة بائسة، ولن تنجح، حتى في المنظمات الدولية، كما ان خط الامان الوحيد المتوفر، هو الشعب الفلسطيني في القدس، يبقى الرهان الوحيد الناجح، والقادر على وقف اسرائيل عن هذه السياسات، خصوصا، اذا اتجهت اسرائيل بعد قليل الى اجراءات اعلى من حيث الدرجة، او التأثير داخل الحرم القدسي، وهذا امر مرجح، بتقدير كل الذين يتابعون ملف المسجد الاقصى.
قبول الاقتحامات اليومية، يعني بشكل واضح، قبول التقاسم الزمني، فهم يدخلون مرتين الى المسجد الاقصى، وهذا السقف الزمني قابل للزيادة، وهذا يعني في المحصلة، ان التعامل مع التطورات في هذا الملف، باعتبارها امرا عاديا روتينيا يوميا، سوف يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها ابدا، خلال الفترة المقبلة.
المسجد الاقصى هنا، ليس مجرد موقع اثري للصلاة، كما يراد تصويره وضمه الى قائمة مئات المساجد الاثرية القديمة في العالمين العربي والاسلامي، فهو قيمة اكبر من ذلك، لارتباطه بالنبوة والرسالة، من جهة، ورمزيته ومكانته عند العرب والمسلمين، اضافة الى كونه اهم معلم على فلسطينية القدس، التي يراد محوها وشطبها بالتدريج، عبر كل مشاريع شطب الهوية الثقافية، والاجتماعية، وهي مشاريع جارية تدريجيا، عبر بناء المستوطنات واقامة الحدائق، وازالة القبور الاسلامية، وغير ذلك من ممارسات يومية، يراد منها محو الوجه الاسلامي للقدس.
ملف القدس بحاجة الى تصرف من نوع آخر، خصوصا، ان الاحتلال لا يتوقف ابدا، وهذه مسؤولية ثقيلة يحملها الأردن، توجب تحركا من نوع مختلف، استباقا لكل مشاريع اسقاط الوصاية الأردنية، واخراجها من القدس.
تغير التوقيت، وشروطه، هذا الذي يجب ان تعرفونه هذه المرة، حتى لا نصحو ذات يوم وقد اصبح المسجد الاقصى تحت السيادة الاسرائيلية بالكامل.