جريمة إربد .. البحث عن الجاني
فارس الحباشنة _جريمتا طبربور والزرقاء التي هزتا الراي العام ببشاعة مشاهدها المصورة والمتداولة، وكما لم تحدث من قبل.
وبعد سنة من جريمة الزرقاء ..تذكرونها شاب يقتل امه ويقطع راسها ويشوه بجسدها . في اربد ..جرى كل شيء -هذه المرة - في عرض الطريق، وامام الكاميرات، ذبح شابين طنعا بساطور، والجاني خرج الى الشارع العام حاملا الساطور، ويسير بين المواطنين برفقة والدته.
انتشر مقطع الفيديو على شبكة التواصل الاجتماعي، وانا شخصيا ووجهت لمتابعي صفحتي على الفيسبوك رسالة احذر لاسباب ودوافع مهنية واخلاقية من تداول الفيديو .
وطبعا، الجريمة ببشاعتها خلفت كلاما كثيرا، وحبلا من الدردشة لم ينقطع حول الحادثة، واختلطت المعلومات بالشائعات، وكما تعلمون هناك وصفات جاهزة لالصاقها باي جريمة قد تقع، بعضها قد يكون صحيحا والاخرى قد يكون مجرد اشاعات .
يسجل للاعلام الامني حكمته وحنكته وتعامله المهني والاخلاقي المسؤول مع حوادث جرمية كثيرة .. وفي سياسة النشر من الواجب مراعاة ما وراء الجريمة، وابعاد قانونية ومجتمعية وابعاد اجرائية متعلقة في سير التحقيق واكتمال كشف خيوط الجرم الجنائية، وغير ذلك من محاذير .
ولذا نحن في الاعلام احيانا نتجنى من باب الفضول الصحفي الزائد على الزملاء في اعلام الامن العام، ويتحملون فضولنا الصحفي، وننتسابق صحفيا نحو الخبر وما وراء الخبر واستقصاء وملاحقة اخبار وتفاصيل اخبارية عاجلة وجديدة في الحادثة والواقعة الجرمية .
من جانب ثان، في اطلالة على اخبار الحوداث الجرمية في الاردن، فنحن امام مجتمع متحول ومتغير جرميا، وثمة ما يوجب دراسة هذه الظواهر الاجرامية الجديدة، واخضاعها لدراسة عملية عميقة .
في حادثة اربد، ثمة اشارات الى ان الخطر الجرمي بنيوي، وقبل ان نسـال عن المجرم، لابد من السؤال، لماذا وصل المجتمع الى هكذا مستوى جرمي واخلاقي؟
محاكمة المجتمع بالاول .. الجاني معروف مصيره، وبشاعة الجريمة علنية .. ولا اظن ان احدا قد يبدي تعاطفا مع المجرم ولو حتى من اسرته واقاربه واصدقائه .
تراكم الجرائم البشعة، ولربما مع مضي الوقت الاهتمام الصحفي في الجرائم قد يتراجع، والناس تصيب مشاعرهم بلادة، ولا تستغربوا وقوع هكذا جرائم دون اهتمام ومتابعة من الراي العام .
ولكن، السؤال الاخطر، لماذا وصل العنف والتوحش الى هذه المستوى المرعب؟ وكيف يمكن خفض الكلفة الاجتماعية للجرائم ؟ والسؤال الاهم ايضا، هل خزان العنف يكشف عن عورة دينية واخلاقية في المجتمع ؟
من جريمة طبربور والزرقاء وسابقاتها، يداهم المجتمع جرائم بشعة مستجدة ولا تلاحق وتطارد باسئلة عقلانية وموضوعية للوقوف على ما ورائية الجريمة اجتماعيا ونفسيا وسياسيا ايضا .
صحفيا ..خبر الجريمة بياع، ولربما ان اخبار الجريمة تحظى بمتابعة اكثر من اخبار الرياضة . وفي الصحف خبر الجريمة يتصدر الصحفة الاولى، وفي الصحف الاسبوعية خبر الجرمية» مانشيت»، في صحافتنا الاسبوعية جرائم وظواهر جرمية كثيرة حظيت في تغطيات اعلامية واسعة، ابو شاكوش، وطواحين العدوان، وسفاح الزرقاء .
وفي صحف كانت تفرد ابوابا خاصة للتغطيات الجرمية، ومن الزملاء الذين احترفوا بالخبر الامني والجرمي، الراحل نايف المعاني «الدستور « وموفق كمال « الغد، ونظيره السيد في اسبوعية الشاهد وموقع رم الاخباري.
ثمة تحول وتغيير في انواع واشكال الجريمة فرض انقلابا في التعامل الصحفي مع الجرائم . وفيما اليوم وسائل التواصل الاجتماعي تهيمن وتسيطر وتكتسح التغطيات ودون تدقيق وتحقيق وتحميص صحفي مهني، وتتدفق اخبار مغلوطة واشاعات، ويجري نشر فيديوهات دون مراعاة لمعايير واصول النشر مهنيا واخلاقيا .
في سفري وترحالي اي بلد يهبط قدماي ترابه، اقرا صحفه الورقية، واركز على الاخبار الجرمية بالاول ومن ثم اعرج على الخبر السياسي .. وانا اسمي ذلك «فراسة «، وتعرف عبر ادواتها ووسائطها الظاهر والخفي في اي مجتمع وبلد انت موجود .