من أجل أمن الأردن
حمادة فراعنة - تتمسك الدولة الأردنية، بثلاثة عناوين فلسطينية تختصر حقوق الشعب العربي الفلسطيني، تأكيداً أن لا استقرار، ولا أمن، ولا شرعية للمستعمرة الإسرائيلية، بدون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية، كما أقرتها الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، المتمثلة بالعناوين الثلاثة:
أولاً نضاله ضد التمييز والعنصرية في مناطق 48، وحقه بالمساواة في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
ثانياً نضاله ضد الاحتلال والاستيطان والحصار التجويعي في مناطق 67، وتحقيق الحرية والاستقلال لمناطق الضفة والقدس والقطاع، وإقامة دولته وفق قرار التقسيم 181.
ثالثاً حق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها، إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها، وفق قرار الأمم المتحدة 194، وغير ذلك، انتقاص ومساومة وتنازل مجاني لمصلحة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
يتمسك الأردن، بالموقف الفلسطيني الذي أقره البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير ومجلسه الوطني، بالحل التدريجي متعدد المراحل، لإستعادة كامل حقوق الشعب الفلسطيني، على أرضية: 1- التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو التلاعب، 2- التمسك بالخطوات التدريجية التراكمية للنضال الفلسطيني، بدون تغييب جوهر القضية والأسس التي قامت عليها الشرعية الفلسطينية.
على أرضية هذا الفهم والقناعة والإيمان، يتم التعامل مع: 1- قيادات المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، وقيادتهم لجنة المتابعة، 2- مع قيادات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية في مناطق 67، 3- مع الحفاظ على قضية اللاجئين ووكالة الغوث الأونروا ، لتبق حية قابلة للتحقيق.
استقبال رأس الدولة جلالة الملك عبدالله للدكتور منصور عباس رئيس القائمة البرلمانية الموحدة، قائد الحركة الإسلامية الجنوبية، عضو الكنيست الإسرائيلي يوم 8/11/2021 له دلالة سياسية ورسالة متعددة العناوين، بالمضمون والتوقيت:
1- رسالة إلى اليمين الإسرائيلي المتنفذ برئاسة نفتالي بينيت أنهم لم يتمكنوا من تشكيل الحكومة وتمرير الميزانية، حيث فشل نتنياهو، والفضل في ذلك يعود إلى منصور عباس، الذي يستحق تلبية طلبات شعبه المعيشية في الكرامة والمساواة.
2- رسالة إلى القوى السياسية العربية الفلسطينية وخاصة القائمة البرلمانية المشتركة، لتفهم واستيعاب مبادرة منصور عباس والتعامل معها بواقعية، بدون تأييدها أو دعمها، فإذا حققت إنجازات فهي لصالح الشعب الفلسطيني في مناطق 48، وإذا أخفقت فهي تقدم سلاحاً جديداً للفلسطينيين وللمجتمع الدولي، لتعرية جوهر وسياسات العنصرية والتمييز التي تتحكم بسياسات المستعمرة، وعدم استجابتهم لأي مبادرة تتوسل المساواة والندية واحترام حقوق الإنسان.
لقد سبق للرئيس الراحل ياسر عرفات، أن خاض مغامرة مفاوضات أوسلو الخلافية بين الفلسطينيين، ولكن قوى المعارضة وخاصة حماس والشعبية والديمقراطية تعاملت مع نتائج أوسلو في نقل العنوان والنضال من المنفى إلى الوطن، وتمسكت بهذه النتائج وشاركت في المؤسسات الفلسطينية التي قامت على أرضية أوسلو ونتائجه: قيام السلطة الفلسطينية ومجلسها التشريعي وحكوماتها، وكان لذلك ثمناً سلبياً هو التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب.
في العمل السياسي لا يوجد أبيض وأسود فالألوان متداخلة والخطوات ليست بالضرورة نقية صافية، بل يتخللها التشويه والتورط والإنحدار، من صلح الحديبية لدى المسلمين، إلى عشرات الاتفاقات لدى اليساريين والقوميين، بدون أن ننسى والتنبه إلى اتفاقات يمكن أن لا تحقق نتائجها المرجوة بانتصار أصحاب القضايا المشروعة والعادلة نحو الاستقلال والحرية للشعوب، وتؤدي إلى الإحباط، كما فعلت أوسلو اليوم بمظاهرها المدمرة التي استفاد منها قادة المستعمرة واخترقوا صفوف العرب، بالتطبيع والاعتراف.
وقوف الأردن مع فلسطين يحمي أمن الأردن واستقراره، وهذا ما نتمناه ونسعى له ونعمل من أجله.