الأردن والنفط الجديد
حازم قشوع _الليثيون هو اللاعب الرئيس الذي اخذ يفرض نفسه بقوة على الساحة العالمية، وهو ينافس النفط كوقود والذهب بالندرة، كما يعد من الثروات الباطنية الاغلى في العالم، والليثون الذي احدث ثورة على خارطة الثروة العالمية؛ لما يشكل اكتشافه من اهمية في بواعث الطاقة المعرفية، حيث يتوقع ان يقوم الليثيوم بطي صفحة معرفية وفتح صفحة اخرى كيف لا !! والليثيون يعتبر وقود الحداثة الاول الذي جدد الامل بايجاد مستقبل اخضر للعالم والبشرية والذي يمكنه ان يساعد بخفض درجات حرارة الكرة الارضية، كما يمكنه المساعدة ايضا في حصر تداعيات الانحسار الحراري وازمة المناخ العالمية.
الليثيوم كان موجودا وحاضرا في جلاسكو حيث اجتمع العالم لانهاء تاثيرات التغير المناخي من خلال برنامج ضخم تقوده الولايات المتحدة والمستشار جون كيري، هذا المؤتمر الذي اخذ يتحدث عن البدائل كما يتحدث عن التداعيات التي احدثتها تبعات التغير المناخي وانحسار اليابسة والتغير البيئي؛ الامر الذي جعل من الليثيون يشكل البديل الامثل الذي يعول عليه ليكون احلالا طبيعيا للبترول، كما شكل البترول احلالا للفحم الحجري قبل قرن من الزمان.
وبهذا يكون الليثيون اخذ يشكل عنوان الطاقة الحديثة ومحتوى صناعتها النظيفة، ويكون بذلك قد دخل مع عصر الصناعة المعرفية والتكنولوجيا القادمة باعتباره المادة الاساس التي تحفظ الطاقة عن طريق بطاريات التخزين واستخراجها من خلال الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة لتوليد طاقة الكهرباء، كما دخل النفط في السابق مع بداية الثورة الصناعية من اجل توليد الطاقة وتحريك معدات التشغيل وتوليد الطاقة الكهربائية في القرن الماضي؛ الامر الذي يجعل من هذا المعدن مكان الرهان وعنوان وجوده يشكل مساحة للتنافس.
الليثيوم الذي يعد وقود الحداثة هو الليثيوم الذي سيحول افغانستان الى السعودية الحالية، وهو الذي جعل من استراليا مكان الرهان وهو الذى سيجعل من بوليفيا وتشيلي والارجنتين في مثلث جبال الانديز مساحة المعركة القادمة بين الدول والشركات، وهذا ما قد يفسر باسباب موجبة حركة الدول السياسية والعسكرية وعناوين وجودها القادمة، ويفسر ايضا سبب اندلاع الازمة في شمال استراليا، التي يشكل انتاجها نصف انتاج العالم من الليثيوم، كما يفسر فى ذات السياق التحركات الاخيرة في افغانستان، ويشير الى مكان اهتمام الدول في المستقبل المنظور، فكما شكل البترول فى الماضي عنوان الحركة ومكان اهتمام؛ فالليثيوم سيشكل بوصلة الاتجاه القادمة ومساحة منظور العالم، وهو الليثيوم الذي كان قد اكتشف فى شرق بريطانيا في بلدة ردرويث الانجليزية من قبل معهد ويل كليفورد للنحاس، لكن هذا الاكتشاف لم يحظ باهمية بسبب عدم وجود سوق قبل 150 سنة فتم وقف استخراجه حتى دخل العالم في عصر التكنولوجيا الجديدة للطاقة وصناعة السيارات الكهربائية ومولدات الطاقة الجديدة، فاعيد لهذا المعدن زخم العناية وزاد الطلب على هذا المعدن مع احتياجات العالم لهذا الوقود الجديد الذي سيشكل ما نسبته 75 % من صناعة السيارات العالمية في عام 2025 ويتوقع ان تنتهي البشرية من التعامل مع الوقود البترولي في عام 2050.
وهو الليثيوم الذي تم اكتشافه في شرق العقبة ولم يتم الاهتمام بهذا الاكتشاف كما ينبغي؛ فالخارطة الجيولوجية الدولية تشير الى وجود كميات مبشرة من هذا المعدن النفيس في جنوب الاردن وشرقه؛ وهذا ما يستدعي من الحكومة الاهتمام بهذا المعدن وايجاد الخرائط الجيولوجية الطبوغرافية اللازمة وتحديد مساحات استخراجه ودراسة كميات وجوده من خلال تعاقد مع شركات تعمل على هذا الجانب، وهو ايضا ما يسترعي الالتفات الى مساحة التحرك الدبلوماسي القادمة لاسيما مع بوليفيا كما مع غيرها من مراكز الاحداث القادمة.