قحط ويباب عربي
العراق في حروبه الاخيرة فقد عشرين مليون شجرة نخيل، وتحول سعف النخيل الى رايات جافة متدلية، وغابات التمور الى مساحات لانين التصحر والعذاب والفراق مع الطبيعة .
و في الحرب السورية الطاحنة راينا سهول سورية الخصبة تتحول الى يباب وجراد ، والارض الخضراء الطيبة تتحول الى مقابر، والمحاصيل الزراعية تحرق، وتخسر سورية شجرها الراسخ والثابت في ارضها الخصبة والعريقة، وكما خسرت سورية شعبها المتشرد في ارجاء بقاع العالم الموبوء .
وما تبقى من اشجار في غابات سورية جذوع شاهدة على حرب ودمار وتشريد، وشاهدة على قبور .
وفي فلسطين، ينقض جنود وجرافات الاحتلال الاسرائيلي على اشجار فلسطين المباركة، وكما يفعلون مع المقاومين والمناضلين والصامدين هناك .. الاسرائيليون يكرهون شجر الزيتون، والشجر الشاهد على تاريخ فلسطين، وزيف الرواية التوراتية الاسرائيلية،ورواية الاحتلال الصهيونية «وطن بلا شعب وشعب بلا وطن « .
في فلسطين اشجار تقتلع وتحرق اعمارها الاف السنين .. وفي لبنان الحريق التهم غابت الارز، وقد استبق حريق غابات الجنوب اللبناني وقوع فاجعة مرفا بيروت .
و لربما تحس ان لبنان الحزين على موعد مؤقت ومبرمج مع النكبات من الحروب الى الانفجارات والحرائق والاغتيالات والويلات الاقتصادية وتوابعها .. وغير ذلك من الماسي التي تميز بها لبنان، وعدواها باتت اليوم تنتقل الى الجوار الربيع، حالة اللادولة وشبه الانهيار السياسي والاقتصادي .
تموت اليوم فاكهة لبنان .. ومحاصيل فاكهة بعلبك والبقاع والجبل والساحل، تقطف وترمي في البرادات ويصيبها العفن .
ومن مفارقات العرب العجيبة والغريبة، ان بلدا كالسودان كان يسمى «سلة الغداء العربي « يستورد استهلاكه الغذاي?ي من دول العجم ..
ليس الاردن وحده يواجه عربيا ازمة امن المائية والتصحر والجفاف . سورية والعراق ومصر والسودان مصب وممر اضخم واكبر الانهر في العالم مهددة بالامن المائي بفعل التوترات السياسية والحروب، واضافة مخططات اقليمية ودولية لا تخفى على تجويع وافقار دولة كمصر مائيا .. مشروع سد النهضة الاثيوبي شاهد ماثل .
وما يجري على منابع ومجاري نهري دجلة والفرات،ومشاريع تركيا المائية لتحويلها واقامة سدود، وافقار العراق وسورية مائيا .. وفي الشمال السوري الكلام الان بدا? يدب عن ازمة مياه، وانخفاض في تدفق مياه الفرات، وانخفاض في منسوبها، وتداعي ذلك على الري والزراعة في سهول الفرات السورية .
ما يجري في سورية والعراق ولبنان هو نحر للتاريخ، واقتلاع لاثار طبيعية عمرها الالاف السنين، وانه شهادة على موت جماعي، وقتل لشجر الزيتون والبرتقال، شواهد على حضارات وتاريخ عريق .
كم ان الجغرافيا العربية اليوم حزينة ومكلومة .. ارض مقدسة تنحر اليوم .. يقتل الانسان والطبيعة، ويكبر الاحتلال الاجنبي، وقوته تتضخم، يتحكم في البشر والحجر .
القحط واليباب والجفاف انه فصل عربي جديد .. وما بعد الحروب والفوضى والنزاعات، والانهيارات الاقتصادية والتمزيق السياسي، والتفكيك الطاي?في والعرقي والاثني.