في جهل المجهول
حازم قشوع _من المعلوم ان الزمن لن يعود للوراء، والعصر الذي ندخل اليه يعمل ضمن وسائل وادوات مغايرة عن ما كنا نستخدمه في العصر السابق، تلك هي النظرية الثابتة او نظرية ثابت المتغير، التي يجب ان تشكل بوصلة التوجه وعنوان الامان، هذا اذا اردنا الاستدامة في حفظ مسارات الاستقرار في النواحي العلمية والمعرفية او في المجالات المعلوماتية والتقنية الخاصة بالنظم الادارية والانظمة السياسية والعلوم المعرفية بكل مشتملاتها الهندسية والطبية وبمجالاتها الصناعية والمعرفية وبرواسيها في الذكاء الاصطناعي او في الامن السيبراني، وهذا الامر ايضا ينطبق على مسارات النانو تكنولوجي والاقتصاد الافتراضي، كما يدخل بجوانب استراتيجيات العمل الامني والعسكري بكل فضاءاته وعناوينه، هذا لان الدخول في بالعصر الجديد يعتبر متغيرا ثابتا بالمعنى والمضمون.
فالمعادلات الهندسية التي كانت تقوم معادلاتها على الابعاد المنظورة ونظرية الضغط والشد (الاسمنت والحديد ) قد تغيرت الى واقع احتوائي بابعاد تجسيمية ونماذج صناعية، وكما ان النظريات الطبية التي كانت تصرف ادويتها من على ارضيه خلطات كيميائية قد تغيرت الى جينية واستبدل البعض منها الى النانوية والقوة الاستراتيجية التي كانت تقوم على القوة النووية، تغيرت مكامنها الى بيولوجية وبات وجودها لا يفيد بفرض واقع او بتشكيل حيز آمن، وهذا ينطبق ايضا على الامن الاستخباري الذي بات يعتمد على الامن الفكري اكثر من الامن الوقائي ونظريات التتابع النمطية باتت تقليدية في القياس في ظل وجود شبكات النظم المدارية الاوربيتية، وكما ان النظم الادارية باتت تقف على استراتيجية عمل مغايرة عن تلك التي كانت تدرس نظريتها حتى في العلوم الخاصة، وهذا ما انطبق ايضا على نماذج الاغذية وعناوينها التي باتت مغايرة في مضمون الامن الغذائي، في حين لم يبق من نماذج العصر السابق سوى الكتابة والقراءة في التواصل وهي ايضا في الحدود الدنيا بعد وصول البشرية لعلوم التواصل المرئي الذي تمتلك فيه القدرة على التخزين والتحليل واستخلاص النتائج من واقع تقديرات احتوائية اقرب للحقائق وليس انطباعية بمفهوم التحقق الدارج.
وفي العصور الماضية كان الصراع يقوم على الاراضي الزراعية والثروة الحيوانية، وعندما دخلت البشرية في الثورة الصناعية كان التسابق حول امتلاك القدرات الصناعية التي كانت ترمز للتفوق والقوة، واما الان فالتسابق بات تسابقا مداريا وتاثيراته اصبحت اسقاطات متحكما بها وباتت النظم المدارية وشبكات العالم الافتراضي تشكل جزءا اساسيا من حياتنا الوجاهية وهو ما يعد متغيرا ثابتا لا نمتلك معرفته ولا نمتلك علومه وليس بمقدورنا تحديد ماهيته وهو ما يشكل ذلك المتغير الثابت الذي لا بد من الدخول اليه ومعرفة دلالالته حتى لا تبقى الهوة واسعة بين المساحة والمسافة في الزمن المعرفي ونبقى نعيش في جهل المجهول.
فاذا كانت سبع شركات في الولايات المتحدة القيمة السوقية فيها اكبر من الناتج القومي الاجمالى لافريقيا وامريكا اللاتينية مجتمعة وهي شركات كلها تقوم على الصناعة المعرفية والذكاء الاصطناعي والعملة الافتراضية اصبحت مشرعة ومتداولا فيها غدت البنوك الافتراضية قائمة والشركات الكبرى العالمية تمتلك كل الفنادق العالمية والسياحة الدولية والعلامات الفارقة الانتاجية والبنية التحية التي كان يقدمها البنك الدولي خدمة لاغراض التنمية يتم استبدالها و تغيير نهجهها لاحداث واقع جديد، والعالم الذاتي للانظمة السائدة اصبح محدود المقاومة بسبب جهله في المحيط المجهول، فان عناوين المشهد بكليته يجب ان تتغير، هذا اذا اردنا الحياة او البقاء في هذا الزمن الذي يقوم ثابته الوحيد على المتغير الذي ما زال مبنيا للمجهول بسبب جهلنا بذلك المجهول، والسؤال الذى ما يزال برسم الاجابة لدينا يقوم على تحديد مفهوم الهوية الجامعة !؟!.