الاتفاقيات الاقتصادية مع الاحتلال لم تعد قابلة للتطبيق
سري القدوة _يعمل المجتمع الدولي على إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية وتعزيز العدل والسلام، وتكرس الامم المتحدة والدول الاوروبية جهودها لتمكين الشعب الفلسطيني من الاستمرار في بناء دولته الفلسطينية، وما من شك بان الدعم المالي للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها عمل على نموها وشكل عنصر حماية لما يتطلبه المجتمع الفلسطيني من مواجهة اعاقات التقدم التي يفرضها الاحتلال وعدم احترام الاتفاقيات الموقعة بما فيها الاتفاقيات الاقتصادية التي اصبحت تشكل احد عوامل الفشل الفلسطيني بعد تنكر الاحتلال وتفسيراته لتلك الاتفاقيات وما يقوم به من استغلال سياسي للقرصنة على الاموال وفرض حصار مالي لإفشال كل الجهود التي تتبعها الحكومة الفلسطينية من اجل اعادة بناء ما يدمره الاحتلال والحفاظ على النمو الاقتصادي الفلسطيني.
ولا بد لدول العالم التي تهتم بالقضية الفلسطينية من العمل على تطوير جهودها من اجل انهاء الاحتلال، وان يتم الدفع في اتجاه حماية حل الدولتين الذي تدمره حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي بشكل ممنهج عبر إجراءاتها اليومية من اعتقال وقتل ومصادرة أراض وفصل القدس وحصار غزة وحرمان الشعب الفلسطيني من مقدراته الطبيعية والسيطرة على الحدود الفلسطينية؛ مما يؤدي الى تدهور الاوضاع وانهيار مؤسسات السلطة الفلسطينية.
وفي ضوء ممارسة سياسة الابتزاز الاسرائيلي وتدمير مقومات الاقتصاد الفلسطيني باتت تتراوح قيمة الخصومات والاقتطاعات الإسرائيلية المجحفة من المقاصة والملفات المالية التي تماطل حكومة الاحتلال في تسويتها لتتجاوز 1.4 مليار دولار منذ بداية العام 2021 الامر الذي يشكل عقبة اساسية للحيلولة دون التقدم نحو انهاء مشاكل العجز المالي لدى الحكومة الفلسطينية.
وبات من الضروري الاعتماد على الذات وإنهاء التعامل ضمن اتفاقيات باريس الاقتصادية والتي اصبحت تشكل خطورة على المستقبل الفلسطيني الاقتصادي وتفرض المزيد من القيود والحصار، ناهيك عن الممارسات الاسرائيلية والاستهداف السياسي من حكومة الاحتلال وفرض سلسلة من العراقيل للحيلولة دون تقدم المنتجات الوطنية وتعزيز السوق المحلي الفلسطيني.
وتلعب سياسات حكومة الاحتلال الرافضة لتطبيق خيار حل الدولتين وعدم تقدم العملية السياسية وخلق واقع وظروف تراكمت وأسست لمستقبل معتم وكارثي يلحق الضرر الكبير في عجلة التقدم الاقتصادي وعدم قدرة الحكومة الفلسطينية تحصيل ايرادات من المناطق المسماة «ج» والبناء والتشغيل والتطوير فيها والحرمان من الوصول الى الموارد الطبيعية واستثمارها بالإضافة للتحديات الاقتصادية والمالية القائمة.
وفي ظل عدم وجود مخطط اقتصادي وتضارب المصالح الشخصية مع نمو الاقتصاد الوطني وغياب التواجد الفلسطيني على المعابر والموانئ والمطارات شكل سببا رئيسا في عدم ضبط عمليات الاستيراد والتصدير، كما يفرض بروتوكول باريس الذي يحكم العلاقة الاقتصادية والمالية بين فلسطين وحكومة الاحتلال سلسلة من الاجراءات الصعبة التي لا تلبي الواقع الفلسطيني وأصبحت غير قابلة للتطبيق وبحاجة ماسة للتعديل بما يحقق العدالة للشعب الفلسطيني.
وبات من الواضح ان الحكومة الفلسطينية قد لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية بحلول نهاية العام ما لم توقف سلطات الحكم العسكري اقتطاعاتها وتفرج سريعا عن الأموال المحتجزة لديها وفي ظل تلك السياسات الاسرائيلية القائمة على مصادرة الحقوق الفلسطينية والتدخل في السياسات الاقتصادية وفرض الحصار على المؤسسات الفلسطينية لا بد من العمل على وضع خطط استراتيجية وتطوير الاسس المالية الفلسطينية لتعتمد على الدخل المحلي ووقف الاستيراد والتعامل مع الاحتلال وخلق فرص للاعتماد على السوق العربية وبناء الاقتصاد الوطني الفلسطيني كبديل عن الاحتلال.