مئوية الحب والبيعة للهواشم.. ورد الأردنيين على كل خطاب ملكي...
صاحب المقام السامي سيد البلاد عميد الأسرة الهاشمية جلالة الملك عبدالله بن الحسين بن طلال بن عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية المفدى :
السلام عليكم وعلى أسلافكم الهواشم وعلى آل بيت النبي الأطهار أجدادكم الذين أذهب عنهم -رب العزة - الرجس والمستخلفين في أمة نبيهم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هداة وتقاة يدعون إلى سبيل ربهم بالموعظة الحسنة الذين قدموا في سبيل رفعة الدين والأمة الدماء والأرواح وصبروا وصابروا ولم يثنهم شنآن أقوام الكفر عبر الأزمان عن حمل الرسالة والثبات في ميادين الشرف والبطولة والذين " نسلوك فحلا من فحول قدموا..
أبدا شهيد كرامة وقتيلا "
مولاي :
إننا قوم قد وطأت أقدام جدنا الأول هذه الأرض قبل قرون ناهزت السبعة قادما من الخليل التي سكنها بعض قومه من بني تميم النجدية والذين تشرفوا برفادة الحرم الإبراهيمي وخدمته فكان سبب قدومه إلى شرق الأردن لجمع ما تجود به الأرض وأهلها (نذرا وصدقات ) يخرجونها للحرم الإبراهيمي تقربا لله فكانت المهمة في البدء خدمة للدين وللمقدسات في فلسطين فأقام وتزوج وتناسل حتى كانت العشيرة التي تسكن هذا الجزء من الأرض المباركة والتي سميت بعشيرة (المجالي). ومرت هذه البقاع بما سطر في دفاتير التاريخ وتدارسه الجميع من تبعيتها لإمارات وممالك عربية وإسلامية آخرها الدولة العثمانية بإعتبارها خلافة إسلامية أخذها آل عثمان بالسياسة والسيف وكانت البلاد وما عليها من عباد رعايا تحكمهم تلك الدولة فعدلت هذه الدولة في أول عهدها حتى إرتفعت بمادة الإسلام وهم ( العرب) ولكنها في آخر زمانها قد إرتقى سدة الحكم فيها من أرادوها حكم عرق لجميع الأعراق فصارت العرب تحت حكمها رعايا فقط حين تريدهم عسكرا في الحروب ودافعي ضرائب ومكوس في السلم والحرب ووجد طغيان الأتراك في حكم الدولة تلك وعلى هذا الثرى الأردني مثل ما وجد من الأشراف أجدادكم فكانت (هية الكرك ) وثورتها 1910 في وجه قد قبحه الإستبداد والظلم وسوم العباد ما يسومه العدو لا ما يسوس الحاكم به رعيته فكانت (يا سامي باشا ما نطيع ولا نعد رجالنا ..لعينا مشخص والبنات ذبح العساكر كارنا ) ,فما كان من دولة الطغيان إلا أن قمعت وتجبرت بالعديد والعتاد وأستمرأت ظلم العباد وسارت وأمعنت بين القبائل العربية تزرع الفتن وتتركهم يتنازعون ويتشرذمون ليكون الحكم للقوي منهم على الضعيف فكانت الغزوات وكان الطعان على حيازة الأرض وتبوء الزعامة حتى إنطلق ذلك الحصان الأشقر إيذانا بثورة الهواشم العربية الإسلامية على الطغيان والظلم وإستعباد الأمة العربية وشعوبها فأنطلقت خيول الهواشم من مكة على ظهورها خير فرسان يحملون رايات كرامة الأمتين وعزتهما يجوبون الصحاري والفيافي _حدائهم القرآن وغنائهم الآذان - ينشدون نشر ثورتهم الهاشمية فكرا لا بسطها على العباد حكما وصولجانا , فهم الأسباط "والأعز قبيلا" الذين ثبتوا على نهج الأجداد هداة وتقاة وحملة رسالة معتقد وإرث أجداد أطهار لا يدانيهم إليه- في أمة الإسلام أحد أو فئة أو نسب- مكانة وشرعية وأهلية لقيادة الأمة ولم يكونوا يوما قادة حملات عسكرية تجتاح البلدان وتفرض سطوتها على العباد والسكان , فكان ما كان من التآمر على هذه الثورة لشرعية قيادتها الدينية والتاريخية ولأنها تختزل المعتقد السليم والعروبة الكريمة فكرا ونهجا ومباديء في ثورة تحت راية هاشم .
نعم يا مولاي لقد كانت الحال بين القبائل والعشائر وبفعل الدولة العلية تلك لا تسر إلا الأعداء فكانت "دولة الرجل المريض " في حينه تعمل طوال الوقت على تأجيج ما بين القبائل والعشائر من نزاعات لضمان تفرقها وتبعيتها , حتى حانت اللحظة التاريخية وأنطلقت رصاصة الهواشم معلنة ثورة العرب من عاصمة العرب والمسلمين الدينية والتاريخية (مكة ) فكانت الحراب والسيوف العربية حاديها شريف مكة وأبنائه الغر الميامين تجوب الفيافي تحت رايات ثورة جدكم (الشريف الحسين بن علي ) حتى إنتزع الملك المؤسس -المغفور له بإذن الله - عبدالله الأول ملك العرب الهواشم على أقدس البقاع بعد البيت العتيق ومدينة خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم – حين خرج من الحجاز إلى الأردن وفلسطين وبالحنكة والحكمة ليطهر مسرى جده –عليه السلام - من دنس الطغيان والإستعمار الذي حاكته ودعمته الصهيونية العالمية ذاتها التي أجهضت قيام ملك الهواشم للعرب بكل ما أوتيت من قوة وغدر في عواصم أجدادهم في دمشق وبغداد , فألف الملك المؤسس بين الزعامات والمشيخات والقبائل الأردنية على قلب وطن واحد فنفضت عنها عباءة الجاهلية في تنابزها وتقاتلها وكانت بعبدالله الأول إلى عبدالله الثاني مئوية الحب والعزة والكرامة , فكان البدء قبل مئة عام بقيام المملكة الأردنية الهاشمية وما نسبة المملكة والأردنية للهاشمية مجرد تسمية للدلالة على من يحكمون بل هو تعريف بهذه المملكة وبطبيعتها وبالفكر الذي أسست عليه , فكل أردني هو هاشمي الفكر والنهج وفي رقبته بيعة للراية ولحملتها آل هاشم :
"الحاملين من الأمانة ثقلها
لا مُصعرين، ولا أصاغر ميلا
والطامسين من الجهالة غيهبا
والمطلعين من النهى قنديلا
والجاعلين بيوتهم وقبورهم
للسائلين عن الكرام دليلا"
مولاي المعظم ,,,أبا الحسين :
إن تعريجي على الحقبة الطويلة قبل تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية منذ قدوم جد عشيرتي المجالي الأول إلى شرق الأردن والإشارة إلى سبب قدومه وإقامته وإلى المهمة التي أرسل من أجلها وكذلك التعريج على (هية الكرك) -والكرك حاضرة التاريخ موئل أجدادي - هو للقول بأن كل ما ورثناه من تاريخ آبائنا وأجدادنا وما آمنت به أجيال هذا النسل من عشائرنا الأردنية ووقر في صدور أبنائها- على إختلاف المشارب الفكرية التي مرت وتمر على كل الجماعات والأفراد - هو ذاته ما تمثل في فكر الهواشم وحكمهم من إيمان بالله ورسوله وتعظيم للمقدسات وحرصهم على بيضة الدين وكرامة العرب -مادة الإسلام – وحمل آمانتهم والتي ثبت عبر الزمان والأحداث وما قدم الهواشم للأمتين من تضحيات ثمينة بأنها قدرهم وأنها رسالتهم التي صاغوها على هدي جدهم خير الأنام ونبي الأمة - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فترجموها مباديء لا يحيدون عنها ومعارك قدموا فيها الشهيد تلو الشهيد وحكما رشيدا راسخا واثقا مستمرا على مدى المئة التي إقتلعت خطوبها ورياحها وأعاصيرها عديدا من الممالك والإمبراطوريات لكنها لم تهز هذا العرش وهذا الحمى الهاشمي يوما ,حتى بلغنا المئوية المجيدة ونحن بهذه القيادة الأخبر والأقدر على عبور كل صعب وعلى هزيمة كل عدو أو خائن أو عابث أشر .
إننا يا سيدي قد آمنا بهذا الفكر قبل أن تعلن له تسمية وعلمنا منذ أن بلغ كل فرد منا -ومنذ جدنا الأول -سن التكليف والرشد (بأن لا شرعية لقيادة الأمة تتقدم على شرعية الهواشم ) ولا راية تعلو على رايتهم , فكانت هذه القبائل والعشائر الأردنية - وما زالت تؤمن بهذه القيادة إيمانها بوطن وتفخر بأنها ممن قدموا وسيقدموا لإفتداء الوطن وقيادته بالمهج والأرواح كل غال ونفيس لأن هذه القيادة (الهاشمية ) هي من أطلقت وقدمت قبل غيرها ومن دون الجميع (وطنا هو قلعة حصينة للعرب وللإسلام وأرضا للرباط بالفعل قبل القول ) وما زالت تقدم في عهد أبا الحسين مزيدا من الدروس في الصمود والتحدي والفداء من أجل الأمتين ومن أجل العروبة وفلسطين ومن أجل الإنسانية ومن أجل الحق أينما وجد , فقد كان هذا الوطن بقيادة الهواشم (جيشه عربي الإسم والعقيدة ) وكان أول من دافع عن القدس ومنع إحتلالها في (48) ومن ثبت وأنتصر وقدم الملاحم على جبهاته في (67) وأول من إنتصر على أسطورة صهيون والجيش الذي لا يقهر في ( الكرامة 68) وبلواء مدرع واحد وبخيرة فرسانه أنقد دمشق من السقوط في (73) , فكان أن صدق العربي الذي أنشد يخاطبه : "
في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة
ردت إلى الشرق الصـبا..
اردن ارض العزم اغنية الظبى..
نبت السيوف وحد سيفك ما نبا "
وكان هذا الوطن بقيادته دوما لفلسطين والقدس حافظا لعهد الوصاية التي قبلها بيعة وأمانة من أهل فلسطين وصادق على هذه البيعة على مر الزمان أجيال الأمتين الإسلامية والعربية من المسلمين والمسيحيين العرب ولم تزل ترن في الآذان أصداء لاءات جلالتكم الثلاث ويستقر في الأذهان كل مواقفكم المشرفة وصمودكم بكل عناد الواثق المستند للحق في وجه كل المؤامرات والمتآمرين على هذا البلد العظيم بشعبه وعلى قضيته الأولى فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها .
مولاي المعظم : نحن قوم كنا وما زلنا وسنكون دوما بعض جندكم ولكم في رقابنا بيعة لا تنتهي أو تنقض لنقول أننا نجددها ونحن الذين لا تعصف برؤوسنا الدسائس والوشايات المغرضة- كائنا من كان مصدرها ومطلقها - لأننا نتقن الحب إنتماء لا إدعاء أو إرتماء فنحن يا سيدي لم نرى في أسالفكم إلا ما نراه بكم الهاشمي القائد الذي :
" قد رأى دائماً، ما لا يُرى، وَلَهُ
نَبْضٌ يُحسُّ•• بما لا تَسْمَعُ الأُذُنُ!
وليسَ يُمنحُ سِرَّ الكَشْفِ، غَيْرُ فتىً
حُرٍّ، ومُؤتمنٍ•• والحُرُّ يُؤْتَمَنُ••
في قَلْبهِ ألْفُ شمْسٍ لا تغيبُ، ولا
يُعيقُ اشراقَها هَمٌّ، ولا حَزَنُ
ولا يكونُ زَعيماً•• في عَشيرتِهِ
الا الكريمُ الحليمُ الصّادقُ الفطنُ "
فيا سيد البلاد وزعيم العشيرة الأردنية إمضي بإسم الله والوطن ولو خضت البحر فإننا معك خائضون .
فحفظكم سيدي لنا وللأردن والعروبة وحفظ ولي عهدكم الأمين سندا لكم وللأردن على دربكم ودرب أجدادكم الغر الميامين .
رايق عياد المجالي