هَلاَّ تخرج الدولة علينا ببيان مائي مُقتضب
الدكتور: رشيد عبّاس
هَلاَّ كلمة تحضيض مركبة من «هل» و «لا», فإن دخلت على الماضي كانت للوم على ترك الفعل، وإن دخلت على المضارع كانت للحث على الفعل.., وهنا في العنوان دخلت مسرعة دون تردد على الفعل المضارع.
نعم وبكل تأكيد, الدولة هي الجهة الوحيدة التي تمتلك حيثيات الوضع المائي في الأردن, والملف المائي من أ إلى ي عند الدولة, وربما المواطن يجهل كثير من الأمور المتعلقة بواقع الماء في الأردن, وربما ما يقال هنا وهناك في الشارع الأردني ليس فيه من الصحة بشيء, لكن يحق للمواطن الأردني أن يقترح أن تخرج عليه الدولة ببيان مائي كامل حول وضع الماء في الماضي والحاضر والمستقبل, والدولة هنا هي التي تُقدّر مسألة أن تخرج علينا الدولة ببيان أم لا, مع أننا نتمنى أن تخرج الدولة علينا ببيان وتمتص غضب الشارع وتململه.
(قد) يكون غضب الشارع الأردني وتململه مبرر اليوم من مسألة الملف المائي, كيف لا(وجعلنا من الماء كل شيء حي), وأن هذا الغضب يمكن التعامل معه وامتصاصه بشيء من المصارحة والتوضيح والمكاشفة ووضع الحروف على النقاط, فالنظام والدولة والحكومة والمواطنين يكونوا على نفس الخط في لحظة مهمة جداً هي لحظة المصارحة والمكاشفة, وأن إخفاء أو تخافي جزء من المشهد بقصد أو دون قصد قد يثير القلق والتخوف ويجعل دائرة عدم ثقة المواطن بالدولة والحكومة أكثر اتساعاً.
يمكن للدولة أن تخرج ببيان كامل وشامل ومتسلسل يوضح للشعب الأردني أن ليس هناك داع للقلق على مصيره بالنسبة للماء وذلك من خلال ثلاث أوراق تتمثل في, الورقة الأولى توضح فيها الدولة تحديات الوضع المائي في الماضي, الورقة الثانية توضح فيها الدولة تحديات الوضع المائي في الحاضر, الورقة الثالثة توضح فيها الدولة تحديات الوضع المائي في المستقبل وما هي البدائل المتاحة والممكنة بلغة علمية ودقيقة بعيدة كل البعد عن دغدغة العواطف لمشكلة المياه.
أن صمت الدولة تجاه الملف المائي في الأردن وعدم وجود بيان كامل وشامل ومتسلسل(ومقنع) يجعل كثير من الروايات الغريبة تأخذ أبعاد أخرى في الشارع الاردني, وتجعل أصحاب الرأي الآخر في حالة من التشكيك بمجمل إجراءات الدولة والحكومة, وبالتالي وضع المشهد المائي في أطار ليس إطاره الحقيقي لخلق مساحة واسعة من عدم الثقة, فغياب الحقيقة لدى المواطن الأردني والمطلوبة من الدولة والحكومة تجعل للأسف الشديد من المواطن الأردني أُذن صاغية لوجهات النظر المشككة الاخرى المطروحة في الشارع الأردني حتى لو كانت وجهات خاطئة وغير صحيحة.
الروايات المتضاربة والمطروحة في الساحة الأردنية اليوم حول حيثيات اتفاقية الماء مقابل الطاقة, وواقع المياه الجوفية وحقيقتها لدينا, وتعثر مشروع ناقل البحرين, وغيرها من الروايات شكّلت لدى المواطن الأردني رأي عام يسوده كثير من الضبابية والمغالطات, الأمر الذي يدعو الدولة والحكومة إلى أن تخرج ببيان مائي كامل وشامل ومتسلسل توضح فيه أبعاد الملف المائي والحلول المطروحة, وخلاف ذلك ستبقى جميع الأطراف في دائرة مفرغة.
اعتقد أن الدولة قادرة و(حريصة) في نفس الوقت على التعامل مع الملف المائي وأدارته في الأردن, وقادرة على أن تخرج علينا ببيان مائي كامل وشامل ومتسلسل, وأعتقد جازماً أن التهدئة مطلوبة اليوم قبل الغد من جميع الأطراف المعنية, وأنني على ثقة تامة أن الدولة قد طرقت جميع الابواب التي يمكن طرقها لتوفير الماء الصالح للمواطنين, وانني على يقين أن هناك كثير من الحلول كانت مطروحة لكن كما يقول المثل أحلاهما قد يكون مرّاً.
التهدئة مطلوبة من المواطنين أولاً, والمصارحة مطلوبة من الدولة ثانياً, وثقتنا بالقيادة الهاشمة راسخة ثالثاً, وندعو من الله العلي القدير أن يُصلح أمر البطانة ومن لف لفهم, وأن يتقوا الله في مصير الوطن رابعاً, وأن يتبين المواطن الأردني من أي نبأ جاءه من فاسق خامساً.
وبعد..
في الاتفاقيات الدولية.. هل تُؤخذ اعتبارات المبادئ (أم) تُؤخذ اعتبارات المصالح؟ الإجابة تقتضي دراسة اعتبارات جميع الاتفاقيات الدولية في العالم منذُ آلاف السنين إلى يومنا هذا.