الأردن، بغاسيوس والديموقراطية
حازم قشوع _مع دخول الحزب الديموقراطي الامريكي الى بيت القرار فى واشنطن بدات الادارة الامريكية بقيادة الرئيس جو بايدن بتطبيق استراتيجية عمل جديدة فى قيادة العالم حيث تقوم على اعادة تاهيل النهج الديموقراطي ليكون وسيلة او اداة وتعمل فى المقام الموازي على تغيير المنهجية السياسية من على ايقاع مسارات دبلوماسية الى واقع خطوط امنية .
الامر الذى جعل من هذه الخلطة تبدو غريبة الى حد يثير الدهشة فكيف للمنهجية الديموقراطية ان تصبح اداة ضاغطة لتحقيق اهداف سياسية وكيف الدبلوماسية ان يتغير بها الاداة لتصبح محطة رابطة يمكن عقد وثاقها بعقدة امنية من على ارضية شبكة بيغاسيوس الرقمية السيبرانية وهى منظومة العمل التى تسمح بالحصول على المعلومة وتحليل ابعادها ووضع الخطط التنفيذية التى يمكن تطبيقها من العالم الافتراضى الى العالم الوجاهي بطريقة دقيقة وامنة وذلك عبر ايجاد مناخ عام او تشكيل حواضن مستجيبة تقوم بالسيطرة على الفضاءات الاصطناعية وعلى المناخ العام بما يجعل من البرامج الوجاهية التى تقوم على المنهجية الديموقراطية تؤدى عملها بسلالة ويسر وتقوم بنقل السلطة تعمل بفاعلية دون الحاجة للتدخل الجراحي الميداني او استخدام ما يعرف بالاستراتيجية الردعية التقليدية .
وهذا ما يجعل من هذه الشبكة تشكل عنوان الامان ومن هو فى خارجها يكون مكشوفا وتعمل دون غطاء وقائي ومستهدف و هذا ما سيجعل دول العالم منقسمة الى قسمين ضمن هذة العناوين بين المجتمعات الداخلة بمنظومة الامان والاخرى التى تعمل للدخول اليها والتى قد يترتب عليها اشتراطات الدخول ما تجعل من طريقة دخولها ليس بالامر الهين .
بيغاسيوس هو برنامج استخبارى كانت قد اطلقته الدول ذات العيون الخمسة وهو برنامج متطور وقادر على العمل بطريقة تدمج ما بين العالم الافتراضى والعالم الوجاهى وفق محددات مدارية يدخل فى غرفة العتمة والمعلومة تصبح علوما خاصة واستخدامته تصبح مقصورة على مجتمعات دون الاخرى مع تصريح وزير الدفاع الاسرائيلي غانتس لكالكلست الذى بين فيه خفض شبكة الدول المسخدمة لخدمة بيغاسوس للخدمات الامنية السيبرانية من 102 دولة الى 37 دولة ليشمل هذه التقصاء كل الدول العربية بما فيها العراق على الرغم من عضويته فى نادى الديموقراطية العالمية المزمع اعلانه فى العاشر من كانون ثانى القادم وذلك بسبب ارتباط العراق مع ايران بطريقة امنية مباشرة .
وهذا اعتبره بعض المحللين الاستراتيجيين رسالة مبطنة تحمل ما تحمل من معان ضمنية حيث جاء تصريح غانتس هذا عبر بيان حدد فيه الدول الداخلة وطريقة الخدمة المقدمة لها لغايات دفاعية او هجومية وهذا ما قد يعيد خلط الاوراق السياسية فى المنطقة لا سيما وان معظم الدول التى تم إخراجها كانت داخل المنظومة بيغاسيوس وتربطها علاقات امنية مباشرة او غير مباشره مع اسرائيل وهو قرار جاء عقب مبررات فرنسية ومسوغات بريطانية كما جاء بنفس البيان .
بيغاسيوس والمتافيرس اضافة لانظمة الدرون المتطورة ذات المحتوى الاحتوائي والتكنولوجيا البيولوجية والنماذج الكاشفة للاقمار المدارية او الاوربيتية كلها علوم مجهولة وان كان البعض منها يمكننا استخدامه لكننا لا نمتلك لا معادلة تطبيقه ولا علومة فك اسراره وهى التكنولوجيا التى حاولت الدول المستهدفة او تلك التى تمتلك موارد طبيعية من الحصول على المعلومات المعرفية او الدخول فى شكبة حمايته لكنها لم تستطع؟!
و بهذا القرار اصبحت هذه الصناعة المعرفية غير ظاهرة وعلومها باتت خاصة الى حد السرية الامر الذى يفتح باب التاويل من جديد ويعيد للانظمة المستهدفة الى ذات السؤال من الجديد ما الذى يحدث فى العالم المجهول والذى اصبحت حالة الغموض تشوبها اجواء من الريبة وتخيم على جوانبة حالة من التشكيك وهو الامر الذى اصبح بحاجة الى استدراك حقيقي وسريع من قبل انظمة المنطقة بما يحفظ لها الامن القومي والسلم الاقليمي .
فالعلوم التى نمتكلها باتت غير صالح للاستخدام وهى علوم فى معظمها غير فاعلة وليس بمقدورنا امام هذه الحالة الغامضة من القراءة او حتى فهم ما يحدث بعد هذا التكتيم وهذا الربط الامنى الذى ربط بطريقة آمنة 37 دولة فى شبكة امنية معلوماتية قادرة على ادارة ملفات وفتح ملفات وتسجيل وقائع وضرب اهداف وتسير مناخات افتراصية بطريقة سيبرالية وايجاد مناخات افتراضية ضاغطة على الاهداف المستهدفة واعتبار كل من هو خارج منظومة العمل الديموقراطي السيبراني نقاط استهداف دكتاتورية تستهدف انظمتها او تمتلك موراد طبيعية او حتى بشرية من المفترض يتم استغلالها فى اطار هذه المنظومة قيد التشكيل وهذا ما يجعل من المناطق الخارجة عن الحماية مناطق غير مرتبطة بالشبكة السيبرانية هى مناطق غير امنة وفى تحفز دائم ، وهذا ما يقودنا الى سؤال ما الذى يمكننا فعلة ازاء ما يحدث وكيف نتعاطي مع علوم نجهل ماهيتها وما هو السيبل للتحصين ؟!.
الاردن عمل على استدراك ما يمكنه استدراكه فقام باجراء تعديلات دستورية تقوم على انشاء مجلس للامن الوطنى حيث يكون قادر للاستجابة لهذه المقتضيات الامنية القادمة وكما عمل على انجاز برنامج للاصلاح السياسي بما يمكنة من اعادة صياغة المنهجية الديموقراطية الذاتية وبما يجعلها قادرة للتعاطي مع هذه المستجدات العميقة وهذا ما يجعل الاردن محط رهان لامتلاكه قدرة على المرونة وحسن الاستجابة عبر للاستشرافات الصحيحة التى تقودها قيادته بعزيمة واثقة من حتمية حفظ مستقراته المجتمعية والمساهمة بتعزيز مناخات السلم الاقليمي من جديد .