لا شرقية ولا غربية
حمادة فراعنة _رغم التعقيدات والعقبات التي تحول دون إنهاء الاعتراضات على نتائج الانتخابات التشريعية العراقية من قبل أدوات إيران وحلفائها، حيث لجأ تحالف «التنسيق الحزبي» المشكل من كتلتي: 1- دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ولها 33 مقعداً، 2- تحالف الفتح برئاسة هادي العامري ولها 17 مقعداً، إلى المحكمة كآخر فرصة اعتراضية لها بعد أن استجابت مفوضية الانتخابات وأجرت العد اليدوي في عملية الفرز، وأكدت النتائج نفسها، ولم يعد للمعترضين وسيلة يمكن اللجوء إليها بما فيها العنف والاحتجاجات الفوضوية في الشارع.
فشلت أدوات إيران من إعاقة خطوات الفرز وعدم إظهار النتائج كما هي، ودللت على خيبة رهاناتها، ورفض الشارع العراقي بما فيها محافظات الجنوب والشرق والوسطى ذات الأغلبية الشيعية، لأدوات إيران الحزبية والمسلحة، وحصيلتها الاخفاق والفشل والهزيمة، وهي تعمل اليوم عبر مواصلة الاحتجاجات من أجل إشراكها في الحكومة حتى تبقى ظاهرة في المشهد السياسي، تعويضاً عن إخفاقها في الانتخابات التشريعية ولدى البرلمان.
مقتدى الصدر الذي فاز بموقع الكتلة الاولى والأكبر في البرلمان وحظي بـ73 مقعداً يعمل على تشكيل حكومة وطنية لا تتأثر بالعوامل الإقليمية والدولية وليست محكومة لأدواتها، ولذلك رفع شعار «لا شرقية ولا غربية» أي حكومة مستقلة عن النفوذ الإيراني وعن النفوذ الأميركي.
حينما ندقق بمعطيات النتائج لصناديق الاقتراع، فعلى الأقل تحتاج الحكومة إلى 165 نائباً حتى تنال الثقة البرلمانية من أصل 329 نائباً عدد أعضاء البرلمان، وهذا يعني إضافة إلى كتلته يحتاج إلى كتل: 1- التقدم الوطني السنية برئاسة محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب ولها 37 مقعداً، 2- كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني ولها 31 مقعداً، 3- التحالف الكردستاني مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني- الطالباني ولها 18 مقعداً، إضافة إلى بعض الكتل الصغيرة: عزم ولها 14 مقعداً، الجيل الجديد 9 مقاعد، امتداد 9 مقاعد، إشراقة تشرين 6 مقاعد، وجميعها لديها الرغبة والاستعداد للمشاركة في الحكومة، مما يخلق جواً سياسياً جديداً يسير باتجاه حرية العراق وتعزيز: 1- اختياره الوطني 2- تعزيز خياره العربي، 3- تعزيز خياره في الشراكة العربية الكردية.
ليست رغبات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر شخصية أو فردية، بل هي فرضتها أولاً انتفاضة أكتوبر 2019 ضد إيران ومظاهر نفوذها وأدواتها، وثانياً نتائج الانتخابات التي أفرزتها صناديق الاقتراع الدالة على تطلع العراقيين للتخلص من النفوذ الإيراني، ومن النفوذ الأميركي، حيث كان الصدر في مقدمة الذين قاتلوا ضد الاحتلال الاميركي للعراق.
الذين يرون أن النفوذ الأميركي الإسرائيلي هو المتحكم بسياسات المنطقة واهمون، فالزيارات والاتفاقات مع إيران ومع تركيا تسير بنفس الوتيرة في موازاة التطبيع بل وبعضها في مواجهتها، وفي طليعتها صمود سوريا، ونتائج الانتخابات العراقية، ومن قبلها نتائج الانتخابات المغربية، مظاهر أولية، دالة على أن الخيار الوطني القومي سيبقى ساكناً في أعماق الإنسان العربي مهما تكالبت ضده العوامل الضاغطة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً.