القمة الروسية الأميركية
حمادة فراعنة _نجحت موسكو في مسعاها لعقد قمة ثنائية افتراضية أميركية روسية، يوم الثلاثاء 7/12/2021، في أعقاب حشد عسكري بعشرات الآلاف من الجيش الروسي على حدود أوكرانيا، وتوصيل رسالة عملية مفادها أن اجتياح أوكرانيا قرار سياسي إذا تجاوزت خطوط أمن روسيا الحمراء .
قمة بوتن بايدن فرضتها الخطوط الحمراء من قبل العاصمتين، حيث ترى واشنطن أن اجتياح موسكو لأوكرانيا كما فعلت روسيا عام 2014 مع جزيرة القرم، بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء، بينما ترى موسكو أن انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي أو التسلح منها بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء للأمن الروسي.
بايدن من جهته لا يهدد باستعمال القوة في مواجهة روسيا، فقد أعلن مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض أن «الولايات المتحدة مستعدة للاستجابة لطلبات محتملة من حلفائها في حلف شمال الأطلسي لزيادة وجودها العسكري ودعمها للجيش الأوكراني»، وأكد «لا تسعى الولايات المتحدة إلى أن تجد نفسها في وضع يكون فيه الاستخدام المباشر للقوات الأميركية مطروحاً للبحث» وبشكل أوضح قال «من غير المطروح حالياً رد عسكري أميركي مباشر».
من جهتها أكدت موسكو «أن الرئيس بوتين مستعد للتعبير عن مخاوفه لنظيره الأميركي، والاستماع إلى مخاوفه وتقديم التفسيرات» وأضاف أن «روسيا لم تعتزم مهاجمة أحد لكن لدينا خطوط حمراء» لا نسمح لأحد تجاوزها بما يمس أمن روسيا.
أوروبا عقدت قمة افتراضية مماثلة من قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا مع الولايات المتحدة قبل القمة الثنائية، عبرت عن تصميمها للدفاع عن سيادة أوكرانيا.
روسيا هدفت من هذه القمة تحقيق عدة عناوين:
أولاً توصيل رسالة أنها ما زالت دولة عظمى على الآخرين احترام مصالحها.
ثانياً عدم تمادي أوكرانيا في أي مسعى للإنضمام إلى حلف الأطلسي أو التسلح من خلاله.
ثالثاً فكفكة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن عليها منذ عام 2014 على أثر اجتياحها لأراضي القرم وضمها.
رابعاً التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن بشأن مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية وسباق التسلح النووي، وقد أرادت ذلك في اعقاب هزيمة ترامب وبدء التفاوض بل والتفاهم مع واشنطن من موقع الند والقوة، وهو ما حصلت عليه بوضع الخطوة الأولى في عقد القمة المشتركة الروسية الأميركية، وهو ما تحقق فعلاً.
معروف عن روسيا أنها حينما تقدم على التدخل العسكري لا تقدم تهديدات، ولا تحذيرات، بل تفرض أمر واقع وهجوم فجائي، هذا ما فعلته في تشيكوسلوفاكيا، وأفغانستان، وسوريا، وجزيرة القرم، ولكنها في التعامل مع أوكرانيا حشدت وحذرت، وحشدها بمثابة مناورة عسكرية سياسية، وتصعيد مقصود، حركت من خلالها المخاوف والقلق، لتصل لنتائج سياسية محددة تتفق مع مصالحها ولا تقتصر على لجم أوكرانيا من توجهاتها الأطلسية، بل لفتح بوابات التفاهم والتعاون مع كل من أوروبا والولايات المتحدة.