نهاية حقبة نتنياهو!
د. موسى شتيوي
بالرغم من أن النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية لم تعلن بعد، إلا أنه وبعد فرز أكثر من 92 % من الأصوات، تشير النتائج إلى تقدم بسيط لحزب الليكود برئاسة نتنياهو على منافسه الأبرز بيني غانتس، رئيس تحالف أزرق-أبيض، لكن المؤكد أن التحالف اليميني بقيادة نتنياهو سوف يحصل على 56 مقعداً تقريباً، وبذلك لن يستطيع تشكيل الحكومة لأنه يحتاج إلى 61 مقعدا (النصف +1) الضروري لتشكيل الحكومة.
كذلك فقد استطاعت القائمة العربية الموحدة من زيادة حصتها عن المرة الماضية بمقعد أو اثنين، وذلك نتيجة للترشح بقائمة واحدة، ونسبة المشاركة المرتفعة للوسط العربي، والتي قد تكون ساهمت جزئياً في خسارة بعض الأحزاب اليمينية.
إن فشل التحالف اليميني بقيادة نتنياهو، ولأول مرة منذ سنوات عديدة، يفسح المجال واسعاً للمنافس الرئيس بيني غانتس في محاولة تشكيل حكومة جديدة.
هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية لشكل الحكومة القادمة: الأول هو تشكيل حكومة بقيادة غانتس من غير الأحزاب اليمينية، وهذا يعني ضرورة اعتماده على التحالف المعلن أو غير المعلن مع الأصوات العربية في الكنيست حتى يحقق الأغلبية البرلمانية، ولكن هذا السيناريو مستبعد لأنه سوف يضع حكومته في مواجهة مباشرة مع كافة الأحزاب اليمينية، وسيتم التشكيل بتحالفه مع القائمة العربية، وبالتالي يضعف قدرته على اتخاذ قرارات مهمة، وخاصة بالأمن القومي وعملية السلام.
أما السيناريو الثاني فهو الدخول بتحالف مع بعض أو أحد الأحزاب اليمينية وخاصة حزب إسرائيل بقيادة ليبرمان والذي حصل حزبه على (9) مقاعد والذي سيكون موقفه غاية في الأهمية لمستقبل أي حكومة. هذا السيناريو يحظى بفرصة أفضل من السيناريو الأول ويبقى خياراً مطروحاً على الأقل حتى الآن.
أما السيناريو الثالث، فهو حكومة ائتلافية (وحدة وطنية) تتعدى حزب إسرائيل بيتنا لأحزاب يمينية أخرى مع حزب الليكود أو بدونه، ولكنها تضم طيفاً أوسع من الأحزاب اليمينية . بالإضافة لتحالف أزرق- أبيض، بالإضافة لحزب العمل والأحزاب اليسارية الأخرى، ولكن بدون القائمة العربية.
من الصعب الآن التكهن بشكل التحالف الذي سيقود الحكومة الإسرائيلية المقبلة، لكن المفاوضات لتشكيل الحكومة سوف تكون صعبة وشاقة، حيث سيحاول كل حزب تحقيق مكاسب له قد تكون على حساب أحزاب أخرى، ولكن من المؤكد أن المشهد الإسرائيلي القادم سيودع حقبة نتنياهو حتى لو شارك حزب الليكود في حكومة ائتلافية قادمة، لا بل قد تكون نهايته السجن إذا تمت إدانته بالتهم التي يمكن أن توجه إليه بسبب قضايا الفساد المتهم بها.
إن نهاية حقبة نتنياهو لا يعني قطيعة تامة مع السياسات الإسرائيلية وتعني انقلاباً تاماً على السياسة الإسرائيلية، ولكنها تعني إضعاف أو الابتعاد عن السياسة اليمينية المتشددة والمتطرفة والعنصرية التي ميزت حقبة نتنياهو سواء كان ذلك بما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو بالعلاقات الإقليمية. نهاية أو إضعاف اليمين الديني المتطرف الذي حكم إسرائيل لسنوات لا شك أنه تطور إيجابي، ولكن حكومة نتنياهو، وعلى مدى سنوات، خلقت حقائق جديدة على الساحة الإسرائيلية والفلسطينية والعربية سوف تلقي بظلالها على الحكومة الجديدة، ولكن قد توفر الحكومة القادمة أجواء أكثر إيجابية في استئناف عملية السلام، وتخفيف التوتر بالمنطقة.