لغز “رسالة أمريكية” أجبرت وزير المياه الأردني على “السفر والتوقيع”

بدأ وزراء في الحكومة الأردنية بتقديم شروحات نشطة خلف الكواليس وقاعات الاجتماع لبعض نواب البرلمان قبل ليلتين من جلسة مؤجلة عاصفة يفترض أن تناقش وتستجوب الحكومة رقابيا بخصوص ما سمي باتفاق خطاب النوايا أو الاتفاقية الإماراتية المثيرة للجدل.

 صدرت توجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة لبعض أفراد طاقمه باتجاه تقديم شروحات للنواب قبل انعقاد جلسة بعد غد الأربعاء والتي أجلت بعد إفشال النصاب وامتناع النواب عن الحضور لمناقشة الاتفاقية في ظل وجود وزير المياه المتهم بالتطبيع الآن محمد النجار.

الهدف من هذه الشروحات التي تنشطت هو تأمين ممر هادئ وعبور بدون ضجيج لجلسة الأربعاء بالترتيب والتنسيق ما بين الحكومة والبرلمان.

 ويبدو هنا أن الحكومة ولتمكينها من احتواء المسألة بدأت تحظى بالمساعدة من موظفين كبار في مؤسسات سيادية وتجري مشاورات للتأكيد على أن تلك الاتفاقية لا تؤدي لخسائر في الخزينة الأردنية وفيها الكثير من المكاسب على أمل إبعاد مجلس النواب على الأقل عن حمى الشعارات والهتافات التي تتهم تلك الاتفاقية بالتطبيع مع العدو مما يفترض أن يخفف لاحقا من وطأة وفعاليات حالة الغليان في الشارع.

 حراك الوزراء المشار إليه برز بعد الإقرار داخل مراكز القرار والحكومة بأن الطاقم الوزاري يحتاج للمساعدة لكن عليه التحرك.

ونوعية الشروحات التي قدمت في هذا المحور تنطوي على سردية خاصة وبناء خلفية للأسباب التي دفعت وزير المياه محمد النجار إلى السفر برفقة وزير آخر هو على الأرجح وزير التنسيق نواف التل وعلى نحو مفاجئ ليلة توقيع اتفاق خطاب النوايا.

وفقا للشروحات التي تقدم بها بعض الوزراء فقد كان البحث بمثل هذه الاتفاقية قديما لكن الجانب الأمريكي وفر غطاء لتوقيعها بضغط سياسي ثم اعترضت خلف الكواليس المملكة العربية السعودية، وتحت الضغط السعودي تهرب الأردن من الاتفاقية في البداية.

لكن اتصالات أمريكية ضاغطة قبل 24 ساعة وجهت رسالة إلى الأردنيين قوامها وفكرتها: "عليكم توقيع اتفاق النوايا.. جون كيري في الجو وعلى الطائرة في طريقه إلى دبي من أجل هذا التوقيع والمسألة مهمة ضمن برنامج الرئيس جو بايدن في التصدي لمشكلات المناخ”.

تلك الرسالة فيما يبدو دفعت حكومة الأردن وفي اللحظات الأخيرة لتشكيل وفد على عجل يتوجه إلى دبي وهو ما حصل مع أن وزير المياه محمد النجار حاول مرتين على الأقل التهرب من تلك الاتفاقية قبل أن يوقعها وتثور عاصفة الجدل التي ثارت بين الأردنيين.

وفي ظل هذه المعطيات يمكن القول إن الاتجاه المرجح في جلسة الأربعاء التي يناقش فيها برلمان الأردن المسألة هو الميل لمناقشة برلمانية هادئة وبدون استعراض مواقف سياسية وإرسال تلك الاتفاقية إلى اللجان المختصة، الأمر الذي يعني تأطيرها بيروقراطيا وقانونيا وبدون جدل سياسي قدر الإمكان وإضفاء الشرعية عليها لاحقا وعلى أساس المكاسب والمصالح.
القدس العربي