حدود المستعمرة
حمادة فراعنة _خطيئة كبرى ارتكبتها الأطراف العربية التي اعترفت بالمستعمرة وشرعيتها، بدون أن تطلب تحديد حدودها!! ما هي حدود المستعمرة؟؟ هل هي حدود قرار التقسيم 181 الصادر يوم 29/11/1947 ؟؟ هل هي حدود ما احتلته يوم 15 أيار 1948؟؟ أم حدود 5 حزيران 1967؟؟ أم حدود الرحيل عن قطاع غزة في أيار 2005؟؟ أم الإقرار بتطلعاتها من النيل إلى الفرات وبالتالي طالما لم تحقق هذا الهدف، فالأفضل بالنسبة للاطراف العربية الاعتراف بحدود المستعمرة بين النهر والبحر، حتى لا يقع المحظور وتتمدد المستعمرة أكثر على حسابهم، وبذلك يادار ما دخلك شر، وتكتفي بهذا المستوى من التوسع!!.
ها هي المستعمرة تبني مزيداً من المستعمرات على أرض الجولان السوري المحتل، غير آبهة بقرارات الأمم المتحدة، ولم تكتفِ بحدودها على كامل أرض فلسطين، بل تتطلع لبلع المزيد من الأرض، دلالة ذلك قرارها ببناء مستعمرتين جديدتين على أرض الجولان.
المشروع والمساحة والتوسع لا يقتصر على فلسطين بل يمتد إلى ما هو أبعد، قرار المستعمرة يعتمد على توفر الطاقة البشرية لتسكينها، والموارد المالية لتغطية احتياجاتها، وغير ذلك لا تتوقف عنده، لا يحد من نشاطها التوسعي، ولا تردعها قرارات الأمم المتحدة، طالما غير مصحوبة بالعقوبات والعزلة والمساءلة القانونية كما فعلوا مع جنوب افريقيا التي فرضوا عليها العزلة والمقاطعة، باعتبارها نظاما عنصريا.
المستعمرة لا تقل عنصرية وعدوانية وشبهة عما سبقها من أنظمة عنصرية معادية لحقوق الإنسان، ولكنها تتفوق عليهم أنها: 1-لديها قوة ذاتية تتفوق على قدرات الشعب الفلسطيني، 2-لديها حلفاء أقوياء في طليعتهم الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، 3-ضعف الجبهة العربية والإسلامية والمسيحية أمام قوة المستعمرة وقدراتها، 4-الانقسام الفلسطيني بين الطرفين المستأثرين بما لديهما من سلطة مهما بدت محدودة.
فتح تستأثر بسلطة رام الله، وحماس تستأثر بسلطة غزة، وكلتاهما ملتزمة بالتنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، والخلاف بين الفصيلين والسلطتين حول التفاصيل والأولويات، حيث تحولت السلطة لديهما إلى وظائف وامتيازات، وغير ذلك إدعاءات وهمية، مفردات لا تحمل مصداقيتها، وتصريحات لا تعبر عن مضمونها.
لقد قدمت فتح وحماس ومعهما باقي الفصائل ولا أستثني فصيلاً منهم، قدموا التضحيات، ودفعوا الثمن وخاصة فتح وحماس، ولكنهما اليوم يقعان في أولوية الخصومة لديهما ضد بعضهما البعض بما يفوق عدائهما للاحتلال وللمستعمرة، ولكل ما ينبثق عن المستعمرة وأدواتها وأجهزتها وما يتصل بها.
ستبقى المستعمرة أداة الاحتلال والتوسع وصانعة المشاكل للعرب والمسلمين والمسيحيين، لأن فكرتها وبرنامجها ومشروعها يقوم على أنها البديل المتقدم على العرب والمسلمين والمسيحيين، عاكسة عنصريتها والعداء للآخر مهما بدا ليناً ورخواً لا يحمل العداء للأخر، وبذلك قدمت فتح وحماس عبر الخصومة بينهما الذرائع للاطراف العربية للتمادي في التطبيع مع المستعمرة.
سيبقى رفض الظلم والتمييز والعنصرية والاستيلاء على أرض الأخرين كما تفعل المستعمرة بشكل صارخ، هو عنوان الصدام والصراع والنضال مهما تلون التطبيع والتراخي.