في ذكرى الغياب يبقى الحضور أقوى و في ذكرى استشهادك ستبقى خالداً بسجل التاريخ يا أسد قلعتنا..

في ذكرى أحداث الكرك 18/12/2016 
سأروي حكاية قائد عمره 39 عاما كانت تعشق أنفاسه وطنه وقلبه ينبض في حبه 
خمس سنوات يا سائد ونحن نجوب العيون والقلوب على حلم نسيانك بصدق وفي ليلة حالكة السواد والصمت مطبق بين الكرك الصاخبة وعمان الثكلى تجثم الثواني على صدورنا وكأنها ساعات ما بين هو بصحة جيدة وما بين تصاوب وبحالة حسنه ومابين من هو يريد منك ذهاب إلى المدينة الطبية للاطمئنان عليه.

وعند وصولك للمدينة عدد كبير من أهلي وأصدقاءه وزملاءه لا يتحدثون بشيء وإنما تقرأ العيون أن هناك شيء حدث أو ربما لم اسمع شيئا إلا صوت يخيفني أو لا أريد أن اسمعه وأتجاهل وأحاول أن لا أفهم الصمت الدائر بين أخوتي وأعمامي وبين زملائك مع أنها جملة واحدة مرسومة في العيون وأنا اعلمها ولا أريد أن أصدقها .

جاءنا الهاتف بنبأ موتك وطريق طويل إلى الكرك وكل العيون مبلله والأصوات مرتبكة وغيمه سوداء أراها بعيني تماماً 
وصلنا باب الدار في الثالثة صباحاً مفتوح على مصراعيه و وجوه شاحبة وعيون تنهمر منها الدموع وكلمات سهلة على اللسان ثقيلة على النفس والروح

وما بين واقع إمامك ومابين تتمنى لو انه حلم وتستفيق منه فسائد هذه الخيمة التي تظللنا بها وكلنا نسير على واقع خطاها وكان ظلها البهي ضوئنا في الظلام المطبق.

لا أخفيك يا سائد أن هذه الليلة ولأول مرة اشعر بالخوف من المستقبل كنت مصدر اطمئنان وأنت في كل المناسبات من توجهنا ماذا نعمل وكيف نتصرف كنت مصدر الهامنا ووعينا. 

تمضي ساعات الفجر ثقيلة متخمة مبللة بالدموع وشريط العمر والمواقف أمامك سنوات المدرسة وسائد الأخ الأكبر الذي يفتح الدروب أمامك لسنوات الجامعة ولسنوات سفرك وفرحتنا بعودتك بعد كل سفر وأخرها بشهر تموز من عام استشهادك إلى نهاية الأسبوع ولمة العيلة في الكرك وكنت تحرص دائما على لمنا جميعاً وما زلت تلمنا جميعاً

في المقبرة يوم الثامن عشر من ديسمبر بكتك الرجال على المقبرة ومن يومها يا سائد دخلنا في حداد مفتوح لا طريق واضحة ولا لوحات إرشادية تنبهنا من تساقط الأعمار ولا نهاية لهذا الحزن المزمن وما زالت عيناك ترقبنا كلما هزتنا ريح نقول لو أنك موجود يا سائد .

يا سائد أيها الحبيب إنها لوعة الإشتياق ووجع التفاصيل والفقد ونداءات الذاكرة لا أتحدث معك اليوم بصفة وطنية فقد أوفاك شرفاء الوطن مدحا ورثاء وحبا ولكنها أصوات بداخلي تعانق شغاف روحك يا أخ الدم والموقف وتستذكر الإنسان بضمير من أحبوه وانت أيها الكبير الجميل اوجعتنا بحجم ما تحمل من قيمة ومعنى انها تناقضات الحياة وثنائياتها الضدية فحجم الفقد والغياب يعادل حجم الود والعطاء والتعلق وكأننا محكومين بدفع ثمن أكبر في مواجهة غياب النبلاء أيها الحبيب لروحك السلام .... 

رحم الله ابو عون وسنبقى على العهد سيدي
Safwan Al-maaytah