القصه للتاريخ والمشهد للجغرافيا
حازم قشوع _العلاقة بين القصة والمشهد هي ذات العلاقة التي تربط التاريخ بالجغرافيا؛ فالتاريخ كما القصة لا يشكل حيزا موجودا بيما تشكله الجغرافيا بالمشهد الحاضر وهذا ما يجعل من القصة مجرد رواية تحكى للتسلية او تروى من باب العظة، واما المشهد فهو الذي تقرأ نصوصه من باب حروفه ويفهم معانيه من جمل عباراته وفيه من معادلات تقوم على العوامل الذاتية، كما يحتوي على تقديرات نابعة من تحليلات موضوعية؛ فلا يجوز سماع قصة واستنباط معانيها من ذات مدخل قراءة المشهد؛ لان جملة التعاطي ليست واحدة ومعاني الاستنتاج ستكون مغايرة ولن تكون معانيها منسجمة مع الحالة الواقعية المبنية على البيان حالة المضمون هذا؛ لان قراءة المشهد هنا لا تاتي من النافذة المرتبطة بالتاريخ، بل تتكون من واقع مرتبط بجغرافيا حيز الحاضر وادواته المعاشة.
ويعود السبب في ذلك الى نظم تغيير الحواضن المحيطة ونوعية الادوات المستخدمة بين حاضنة التاريخ وحيز الجغرافيا، وإن كانت دواعي الاستدامة فيها واحدة، لكن القنوات الموصلة والادوات الواصلة اصبحت مغايرة، لاسيما مع دخول العالم الافتراضي في حيز الجغرافيا واخذ يشكل عنصرا فاعلا بمقاييس النفوذ الذاتية والموضوعية واصبحت طريقة التقييم لا تمر من ابواب فاصلة يمكن استدراكها بل تكون بطريقة مباشرة، والقوانين لم تعد اداة حماية استراتيجية حتى الجانب الدستوري بقدر ما تشكل من اداة ناظمة قد تضبط المسار العام لكنها لا تحمي منظومة او تصون نظاما؛ لان روافع الحماية لم تعد قانونية، وكما انها ليست افقية لكنها محمولة من روافع موضوعية راسية، لذا فهي بحاجة الى معادلة اقتران تقوم بين مناهج التطبيق وحالة الاقرار حيث ترتبط هذه المعادلة بروابط كامنة تربط الشرعية والمشروعية برباط وثيق وهو الباب الذي اصبح بابا من ابواب البيان الذي لا بد من توفره حتى تبقى منظومة العمل تدور في اطار حيز الجغرافيا وتقرأ من واقع مشهد حاضر ولا تروي روايته من نافذة تاريخية من واقع قصة في رواية.
وهو مدار الحديث الذي كان بيني وبين صديقي المطلع الذى بدأ بالقول انني لن ادخل في تفاصيل القصة فلكل قصة رواية ولن اقرأ طبيعة المشهد فلكل مشهد حكاية، لكنني ساذهب باتجاه تشكيل مفردة من قصة عشتها وعاشت معي علها تشكل جملة معرفية في الحاضنة التاريخية او في الحاضرة الجغرافية بحيث تقدم للقراء استخلاصات مرحلة عاشت معي وعشت معها بإدخال قسري وليس عبر ناتج طبيعى حيث تم فيها الدخول في مناخات اجبرت على الدخول اليها من ابواب الدفع بالاجبار واخذت اتعاطى معها بالاكراه لكنني سرعان ما استمتع بما جعلتني الحياه في اطاره وبت اجتهد واجهد لكن ليس رغبة بتقديم الافضل او من منطلق الوصول للاستهداف الموصول الطبيعي بل من دافع الاجتهاد لغاية الاجتهاد.
والجميل ان الادوات التي كنت امتلكها هي ادوات بسيطة والبيئة التي واجهتها هي بيبة مغلقة وهي دائرية بلا نوافذ معلومة وابوابها تفتح مرة واحدة ومن جهة واحدة، وكان علي ان ابري القلم بلا اداة مساعدة، واستلف الورق من الحائط واقرأ باجتهاد عميق حتى انجز رسالة علها تنير دربا او تفتح مسارا في هذا البهو الدائري المحاط بكثير من الابواب والمزين بنوافد تحوي صورا ملونة ورسومات متلونة، وجهدي فيها منصب حول كيفية تفكيك الرموز وبيان العبارات واستخلاص النتائج، فلقد ذكر انك تستطيع رؤية طريق من دون النظر عبر النوافذ لكن باستخدام البصيرة وبعدها تبدأ رحلة مرحلة الكتابة والبحث عن اليات الارسال بواسطة مرسال حامل او آخر فهيم، واعود لمتابعة الاستنتاج وحالة الانطباع التي كانت غالبا ما تولد نتيجة الوصول لعلم اسمه علم الخبر.
ولقد كان علي واجب يتمثل في خلق انطباع دون مفهوم يعرفه العموم على ان ياتي ذلك كله وفق شروط واشتراطات تتشكل منها فحوى الرسالة، فان قرأت فلا يفهمها حتى المرسال الناقل، وان نشرت فلا يدرك معناها الكامن الا ذلك المستهدف وهي معادلة وان كانت صعبة في المضمون ومرهقة بالاجتهاد لكن ارادتي كانت قادرة على حمل اوزانها وتحمل اثقالها، وعزيمتي كانت واثقة من حتمية وصول الرسالة التي احملها للمعني فقط وكانت الصعوبة دائما تتمثل بمعرفة زمن الوصول وكيفية قراءة المحتوى وطبيعة زاوية الاجتهاد حتى لا تكون قصة تروى من نافذة التاريخ وتبقى مشهدا يتشكل في حاضرة الجغرافيا. من بعد ذلك باغتني بسؤال قال فيه افهمت يا صديقي الفرق بين حديث الرواية وقراءة المشهد وهو ذات الفرق بين حديث القرايا وكلام في السريا!؟.