رواية ظل الغراب مشاهد درامية تحاكي الواقع ورؤية فلسفية تشتبك مع الأسطورة
اسراء مطالقة
كانت هذه الرواية تنتظر دورها بين جموع الكتب التي أقرأها من أجل العمل أو بدافع المتعة، لكن لسبب ما؛ بدأت في قرائتها وأنهيتها سريعا.
تتحدث الرواية عن رجل عربي اُحتجز في مدينة دكا-بنغلاديش أثناء انتشار فيروس كورونا، حين مُنع السفر بين الدول كنوع من الإجراءات الاحترازية، وفي أثناء إقامته هناك؛ تحدث له مغامرة مع أحد الغربان، حيث يجد نفسه أمينا لإيجاد الكتب المفقودة للعالم زين الاسلام ابو القاسم القشيري، وعالقا بين حرب باردة بين جماعة من الصوفيين الذين يريدون إيجاد هذه الكتب، فهل سوف ينجز مهمة الحفاظ على الكتب والعودة سالما إلى دياره؟ هذا ما سوف تتوق لمعرفته طوال قراءة الرواية.
تتميز الرواية بسردها الممتع المشوق، والإسقاطات السياسية والاجتماعية والدينية ضمن أحداثها وبطريقة فلسفية، كما أنها عكست في عدة مواضع..الحالة التي أعيشها ويعيشها الكثيرون من أبناء بلدنا..في انتمائهم لبلدين في آن واحد وهما الأردن وفلسطين، ورغم أن هذه الإضاءات لا تتعلق بحبكة الرواية نفسها..إلا أنها تترك أثرا في نفوس من عاشوا هذه الحالة، بالإضافة إلى العاطفة التي تملكتني عندما وصف الكاتب عمّان بطريقة جميلة في عدة مواضع، وحين أعطاها لقبا يليق بها وهي "العاصمة الناجية".
كما أن الصور الفنية ليعض الأحداث، أشعرتني أنها حدثت فعلا، مثل مشهد بطل الرواية وهو يصرخ على شرفة المنزل، معبرا فيها عن ثقل السجن الذي شعر فيه هو وكل من عانى ظروفه بسبب الحجر الصحي، ومشاعر كل العالم الذي وضعت له الكورونا حدودا وقيودا على حين غرة.
ما ينقص هذه الرواية..هو ما ينقص الكثير من الروايات الجميلة التي تناولت أفكار جميلة وذكية..لكن الكاتب تعجّل في نشرها فتباين مستوى الحبكة بين القوة والضعف. إن بعض الأفكار تتطلب المزيد من الإثراء والتفكير والتنقيح حتى تترك أثرا يصعب أن يمحى.
في النهاية، أنصح بقراءة الرواية فهي مسلية ومشوقة، ونظرا لأن كاتبها عربّي، فسيكون خيالك خالصا بالشرقية البحتة والأحداث التي تشبهك وتعنيك كقارئ عربيّ.