مساحات التجاذب ومراكز التضاد
حازم قشوع _علاقة التضاد بين موسكو المغلقة وواشطن المنتفحة مازالت قائمة ونظام الضوابط والموازين بينهما مازال يشكل دوائر طاردة فى جغرافية أوكرانيا وجاذبة فى سوريا ومتعادلة فى افغانستان والتوافق بينهما قائم على عدم السماح للكتلة البشرية فى الصين من الدخول لبيت القرار الذى يقوده شمال العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وانتهاء الإمبراطورية العثمانية .
ولكن هذه الاقطاب تملك قوة التضاد الحافظة لميزان الاتزان بين مركزي التجاذب بينهما يقوم على نقاط التعادل لضمان البقاء بالمقدمة واما تنافر بينهما فانه يقوم تقريبا فى كل شىء فى القضية الرئيسية المتعلقة بمعضلة الامن او ما يعرف (security dilemma) كما فى ملفات حقوق الانسان وفى قضايا التغيير المناخي ومسائل سباق التسلح التقليدي والنووي هذا اضافة الى ملفات اخرى تتعلق بطبيعة العلاقة الروسية الايرانية وفنزويلا وروسيا وهذا اضافة الى التقارب الصيني الامريكي ومدى تاثيره على المجال الامني الامريكي وهو ما يجعل عامل الثقة فى العلاقة الأمريكية الروسية غير موجود فى هذه العلاقة ومن الصعب تشكيله فان علاقة التضاد تولد مساحات من التجاذب التى يصعب بناء جسور الثقة او حتى تشكيل خيوطها فى حال استمرت هذه السياسات تدور بذات فلك معضلة الامن .
لكن معضلة الامن هذه باتت بحاجة لاعادة صياغة فى ظل تنامي التقدم الصيني وتوسع نفوذه وكبر حجمه للحد الذى جعله يشكل بديلا منافسا فى مركز بيت القرار للدب القطبي واخذ يكون مزعجا للولايات المتحدة وهذا ما جعل من واشنطن تسمح للدب الروسي بتناول العسل فى سوريا من دون ازعاج اسرائيلي وفك قيد روسيا فى المكان التاريخي للإمبراطورية الروسية فى اوكرانيا وهذا ما كان واضحا بعد قيام اسرائيل بضرب مواقع فى اللاذقية السورية وما تبعه من زيارة للوفد الامريكي لإسرائيل بقيادة جاك سوليفان المستشار الخبير فى الشان الروسي برسالة تحدد مساحة عمل للنفوذ الروسي فى سوريا ومساحة السيطرة على المفاعل النووي الايراني على اعتباره جزءا من الامن القومي الامريكي .
وهى مواضيع من شانها ان تضبط درجة الايقاع العام بالاتجاهات الاخرى وفى ذات المعادلة المتممة التى من شانها ان تحفظ منظومة الضوابط والموازين الامنية القائمة على مسرح الاحداث الاقليمية والتى ترسم بقيادة القيادة الامريكية الوسطي سيتكوم وهى تعمل على تشكيل تيار الشرق اللاوسط وتعميد قيادته وهذا ما بدا واضح مع عودة العمق الخليجي لياخذ مكانه وتسارع وتيرة الروابط التنموية القائمة بين اسرائيل ودول المنطقة ونمو وتيرة التنمية
فى مصر وعودة منظومة النظام المشرق العربي للعمل من مدخل المونديال العربي فى قطر بعد غياب طويل.
واذا ما شرع بترسيم نقاط التجاذب ومساحة المناورة الامنية والدبلوماسية فان المنطقة ستدخل فى مناخات واعدة شريطة ايفاء اسرائيل بالتزاماتها الامنية والسياسية والعمل على انهاء الملف السياسي تجاه القضية المكزية للمنطقة فان الظروف باتت مواتية والامن الاسرائيلي باتت احد متطلباته انهاء هذا الملف وفق معادلة الجميع رابح، فهذا الطرف يربح دوره والطرف الاخر يحمي ماء وجهه ويصبح ظاهر العمل كما باطن الفعل حتى لا تبقى المعايير مختلطة والاجواء الشعبية مغايرة للمقتضيات التقريرية فانه من الواجب الاجابة عن الاسئلة إن لم يكن بالمقدور الظرفي الاستجابة للمتطلبات التى يمليها الظرف السياسي والمصالح المشتركة كما القانون الدولي وهى الجملة السياسية التى تقف عليها الدبلوماسية الأردنية ورسالتها فى حفظ السلم الاقليمي والسلام العالمي.