نعم لعودة اللاجئين السوريين
قبل ايام نشرت تصريحات منسوبة لوزير سوري يدعو الدول المستضيفة للاجئين السوريين الى تسهيل عودتهم الى ديارهم .
و يؤكد الوزير وهو معني في ملف «سوريي المهجر « ان بلاده مستعدة لتامين كل ما يحتاجه السوري العائد اليها .
من مصلحة الاردن عودة سريعة للاجئين السوريين الى ديارهم . وكنت اتوقع ان يتلقف « الاردن الرسمي» تصريحات الوزير السوري بمحمل الاهتمام والتنسيق ووضعها على جدول الاعمال السياسية الاردنية .
الاردن دفع ثمنا سياسيا باهظا بفعل ظاهرة اللجوء السوري .. واعداد اللاجئين المتكدسة بصورة غير مسبوقة في تاريخ اللجوء في العالم ، فقد ادت الى تحويل اللاجئين الى عبء بشري وكتلة ضاعطة على الخدمات والاقتصاد والعمالة ، ومصدر عبء امني لخروقات وانتهاكات انتجت ظواهر غريبة وعجيبة في المجتمع الاردني .
و كما ان اللاجئين السوريين زاحموا الاردنيين على فرص العمل المستجدة في سوق العمل .. وزاحموا الطبقة المتوسطة في قطاعات المهن والحرف والصناعات والاعمال اليدوية والمشاغل ، واقتصاد» الاكل والشراب « .. واحتلوها عوضا عن الاردنيين الذين تحولوا الى عاطلين عن العمل ومتعثرين ماليا ، ومطلوبين للتنفيذ القضائي ، وهاربين خارج بلادهم .
الحرب في سورية انتهت .و النظام في دمشق يسيطر على 70 % من الجغرافيا السورية . وكما يبدو ان ثمة ارادة دولية و اقليمية لحل وتسوية سياسية في سورية .
و في ملف اللجوء السوري ، المجتمع الدولي رفع يده وجف ضميره الاخلاقي والانساني عن دعم ومساعدة مجتمعات اللجوء السوري .. وفي الاعوام الاخيرة ، فان الاردن يدفع ثمن فاتورة اقامة السوريين على اراضيه .
الاردن يواجه محنة اعباء اقتصادية صعبة ومعقدة ، ولا يحتمل اي فائض بشري .. ازمة كهرباء وازمة مياه ، وازمة غاز ، وازمة صحية، وازمة خدمات ، وازمة بطالة ، وازمة تعليم ومرافق مدرسية وجامعية ، وازمة نقل عام ، وازمة بالامن الغذائي وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية الاساسية .
لم يعد الاردن معنيا في الحصول على حسن سيرة وسلوك من المجتمع الدولي والمنظمات الاممية في ملف اللجوء السوري وغيره .. الاردن لم يعد يحتمل كلفة اللجوء ، ومزيد من الاعباء المضاعفة الاقتصادية والامنية والانسانية .. وصراحة لا يوجد بلد على الكرة الارضية دفع كلفة وفاتورة انسانية واخلاقية لسياساته مماثلة للاردن الحزين .
السوريون في مخميات اللجوء يريدون العودة الى ديارهم ، ولو تم استفتاء ارائهم بلا شك فانهم يجمعون على خيار العودة دون تردد .. هؤلاء اللاجئين خرجوا من ديارهم على امل وتحت ضغط دعاية الثورة والاعلام المعادي ل»نظام بشار الاسد» ، وسردية الثورة وداعميها ومموليها، وبان الحرب سوف تكون قصيرة زمنيا ، والنظام في دمشق سيسقط ويعود اللاجئون الى ديارهم متوجين في نصر الثورة .
وجاءت حسابات الصراع السوري مخالفة لكل التوقعات والرهانات والخطط والمشاريع المسبقة حول الحسم وهوية المنتصر في الصراع السوري .. ودمشق بعثت لدول الجوار المستضيفة للاجئين رسائل ايجابية كثيرة تدعو الى تسهيل عودتهم ، وهناك ضمانات روسية لعودة امنة و توفير كافة الظروف الانسانية المواتية لعودة السوريين لديارهم .
لسنا في الاردن ولا دول اخرى اكثر خوفا على السوريين من انفسهم واهلهم وابناء جلدتهم .. والعرب قالوا : ما حك جلدك مثل ظفرك .... فتول انت جميع امرك .
سورية تعود تدريجيا على الطاولة العربية .. والدعوات العربية كثيرة لاعادتها الى جامعة الدول العربية .. واتفاقات الغاز والكهرباء مع الاردن ولبنان ومصر فكت من حصارها وعزلتها .. ويقدر سياسيا الان التسريع في ملف عودة اللاجئين السوريين ليكون مبادرة اولى في ردم الازمة السورية وخلافاتها العربية ، وفتح صفحة جديدة .