امبراطور في عمان

سعيد الصالحي

قبل عدة أشهر ذهبت أنا وأحد الاصدقاء إلى المدرج الروماني في زيارة غير دورية لهذا المعلم الأثري الرائع، جلست على أحد الدرجات وعادت بي مخيلتي إلى
 العام مئة وثلاثين للميلاد حيث سيزورنا بعد بضعة أيام قيصر روما انطونيوس بيوس وستقام الاحتفالات والأفراح والليالي الملاح في كل مكان في فيلادلفيا احتفاءا بهذه الزيارة التاريخية، وسيعبر الموكب الامبراطوري الأحمر يتقدمه نسر روما الذهبي شوارع المدينة وسط هتافات الجماهير، وسرعان ما استيقظت من رحلة الماضي هذه لأجلب الأمبراطور إلى عمان اليوم ونحتفي به كما يليق بزائر كبير وبدأت أتخيل الامبراطور  يقطع شوارع عمان بسيارة فارهة وقد أصطف جمع من المواطنين الطيبين لمشاهدة موكب الامبراطور القادم لزيارتنا والترحيب به ضيفا عزيزا.

استيقظت من رحلاتي الخيالية بين الماضي والحاضر وعدت لأجد أني ما زلت ضيف هذا المدرج الذي سيصل عمره إلى ألفي عام بعد سنوات وما زال مغروسا على سفح جبل الجوفة كشجرة زيتون، كل هذه السنوات والمدرج صامد في عرينه وكل شيء حوله يتغير، ولم ينل منه أحد وظل عمانيا وسيبقى للابد.

يقول البعض انها مجرد حجارة فلا تحملها ما لا طاقة لها به، لولا التل الذي بنيت عليه لما بقي لها أثر اليوم، فلا تصدع رؤوسنا بهذا المدرج، وكنت أحس وأنا أدافع عنه كأنه فرد من أسرتي أو مدرجي بالرضاعة وكنت أشعر دائما انه قلب عمان وليس مجرد حجارة، كنت أقيس نبضه وأشعر بزيادة دقات قلبه في كل مرة ألامس حجارته التي تختزل الحياة.

غادرنا المدرج العماني وجلست أنا وصديقي في المقهى نشرب الشاي ونتفلسف كعادتنا وكان صديقي يناقش مسألة الاهتمام بالانسان من كل النواحي وكان يصر على سؤاله الفلسفي أيهما أهم البشر أم الحجر؟ 

فقلت له: الاجابة ليست لدي، اسأل الامبراطور،  أقصد أسال المدرج الروماني.