القراصنة الجدد ..

سعيد الصالحي

لم تعد القرصنة في هذا الزمان مجرد اعتداءات بحرية على سفينة تجارية في بحر ما، على الرغم من محافظة بعض القراصنة على إرثهم بالقرب من الصومال، ولم يعد الاعتداء على القوافل في عرض الصحراء لنهبها مشهدا واقعيا في حياتنا المعاصرة، وقد يظن البعض أني سأتحدث عن القرصنة الالكترونية المنتشرة هذه الأيام في ظل انتشار وسائل الاتصال والانترنت وهذا تماما ما لن أقدم عليه.

فماذا نسمي من يقومون بالسطو على أحلامنا الصغيرة؟ فحلمي الصغير وحلمك الصغير عندما يلتقيان في الفضاء ستتشكل غيمة الحلم الكبير ثم ستمطر السماء الفرح والامل والمحبة، فالحلم الكبير لا تصنعه الحكومات ولا القرارات ولا تحققه أوامر الاحلام، فالحلم الكبير هو نتاج تفاعل أحلام المجتمع بأسره، ولم تعرف البشرية سرقة أبشع من سرقة الأحلام لأنها تعني اغتيال الشغف وتكرار الغد على شكل الأمس الذي يشبه اليوم.

 قراصنة الأحلام لا يعاقبهم أي قانون في الدنيا لأنهم يسرقون أصولنا غير الملموسة واحلامنا غير المدونة إلا في القلوب، فأحلامهم المفترسة تلتهم بنهم أي حلم بسيط تصادفه في طريقها، تجهز عليه بهدوء وبدون أي جلبة ودون أن تترك أي شهود على جريمتها، فسرقة الاحلام ثم قتلها هي أول جريمة كاملة عرفتها الدنيا.

القراصنة الجدد لا ينتمون إلا لجشعهم وأمراضهم النفسية المتنوعة، فبعض القراصنة يقرأون معنا الآن ويشعرون أنهم ضحايا معنا، فحتى القراصنة هناك من سرق احلامهم ذات يوم.

القرصان اليوم لا يرفع علمه الاسود قبل السطو علينا بل وبكل أسف يلوح بعنترية فيما تبقى من انسانيته التي يخسر جزءا منها مع كل وجبة من احلامنا الصغيرة.

لا صحتين ولا عافية على ما تبقى من قلوبهم.