وقف “الإقامة الجبرية”.. هل يوفر لأصحاب السوابق إمكانية إعالة أسرهم؟
طلال غنيمات
عمان – تباينت الآراء بشأن قرار وزارة الداخلية وقف الرقابة الشرطية "الإقامة الجبرية”، لمدة 3 أشهر، باستثناء الحالات المصنفة بالخطرة، ودراسة أثر هذا القرار مستقبلًا، فبينما رحب به حقوقيون وقانونيون وكثير ممن يخضعون لهذه الإقامة، رأى آخرون أن الإقامة الجبرية تكفل ردع أصحاب السوابق عن تكرار جرائمهم وتحقق الأمن المجتمعي.
وفي هذا الصدد أبدى شاب من الخاضعين للاقامة الجبرية، ارتياحه لهذا القرار، مؤكدا أنها كانت تشكل له هما يوميا يقيد حركته ويمنعه من ايجاد عمل يعيل به نفسه واسرته.
واشتكى الشاب من انه كان اذا تخلف عن التوقيع على كشوفات الاقامة الجبرية لأي سبب يتم القبض عليه.
واضاف أن الإقامة الجبرية أضافت عليه عبئا ماليا بسبب مراجعته المركز الامني مرتين يوميا، مؤكدا انه في كثير من الاحيان كان يضطر للاستدانة للذهاب للمركز والعودة الى المنزل.
من جهته، قال مصدر امني لـ”الغد” إنه كان قد تم وقف العمل بالاقامة الجبرية مع دخول جائحة كورونا الى الاردن، لافتا الى ان مديرية الأمن العام تطبق القرارات التي تستجد بهذا الخصوص والتي تصدرها وزارة الداخلية.
بدوره، رأى احد الحكام الاداريين السابقين أن الاقامة الجبرية تحقق الردع بالفعل للكثيرين وتدفعهم للتفكير الف مرة كي لا يعاودوا ارتكاب جريمة تعيدهم الى السجن، أو حتى للإقامة الجبرية بعد انتهاء محكوميتهم.
واضاف الحاكم الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ”الغد”، أن الاقامة الجبرية تهدف لحماية المجتمع قدر الامكان، خصوصا من اصحاب السوابق الجرمية الذين لو سمح لهم بالتنقل بحرية فسيشكلون خطرا على الناس وممتلكاتهم.
وتجيز المادة الثالثة من قانون منع الجرائم، للحكام الإداريين (التابعين للسلطة التنفيذية) صلاحية التوقيف وفرض الإقامة الجبرية على الأشخاص بهدف تحقيق الردع، الا انه سبق لمؤسسات حقوقية وقانونية ان اعتبرت ان الإقامة الجبرية تعد "مخالفة صريحة لمبدأ الشرعية في قانون العقوبات، والذي يمثل المظلة العامة للقوانين جميعها”.
وأشارت الى أن "هذا الإجراء عقاب للشخص مرتين على فعلته، داخل السجن وخارجه، وهو اجراء غير قانوني من حيث عدم توافقه مع المواثيق الدولية، ويعتبر تعديا على حرية الإنسان وكرامته”.
وفي هذا الشأن قال المحامي مالك ابو رمان، لـ”الغد” إن الاقامة الجبرية، وان كانت تهدف الى تحقيق الردع وضبط تحركات اصحاب الجرائم، لكن لا بد من إيجاد حل أو اجراء بديل غير تقييد حركة التنقل للأفراد.
وعزا ابو رمان ذلك الى ان الاقامة الجبرية تمنع المفروض عليهم توقيعها من القدرة على الانخراط بعمل يحقق لهد دخلا ماديا، الامر الذي يفاقم سوء ظروفهم المعيشية، وقد يدفعهم الى مزيد من الانحراف السلوكي.
ويقول محام اخر طلب عدم نشر اسمه، إن الزام المفرج عنه بالإقامة الجبرية مخالف لما جاء بالدستور والمواثيق الدولية حول حق الإنسان في العمل والحياة والسفر.
وأشار إلى أن المادة التاسعة من الدستور تؤكد انه "لا يجوز ابعاد الاردني من المملكة، ولا يجوز ان يحظر عليه الاقامة في جهة ما، ولا ان يلزم بالاقامة في مكان معين الا في الاحوال المثبتة بالقانون”.
وقال، ان المفرج عنهم خرجوا من السجن، وبالتالي ازيلت الصفة الجرمية عن افعالهم، فلا يجوز تقييدهم والمساهمة في ترسيخ فكرة أنهم مجرمون امام الرأي العام، وتحميلهم وصمة اجتماعية قد تنعكس اثارها سلبا على اعادة اندماجهم في المجتمع او الحصول على فرص عمل.
وكان وزير الداخلية مازن الفراية اعلن عن وقف العمل بالاقامة الجبرية لمدة 3 شهور خلال اجتماعه أول من أمس مع رئيس وأعضاء لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان النيابية، مشيرا الى ان القرار يستثني بعض الحالات المُصنفة بالخطرة.
وخلال الاجتماع طالبت اللجنة بضرورة تشديد العقوبات على "فارضي الاتاوات”، والمُجرمين المُكررين للجرائم، مشددين على أهمية إفساح المجال للتائبين للانخراط في المجتمع، ومسح قيودهم الأمنية، بُغية المساهمة في إصلاحهم، إضافة إلى التقليل قدر الإمكان من البيروقراطية التي يمارسها حكام إداريون على هذه الفئة.
الغد