“الهذالين” أيقونة المقاومة الشعبية الفلسطينية
رام الله: داخل قسم العناية المركزة بمستشفى الميزان (خاص) في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، يرقد المسن الفلسطيني سليمان عيد الهذالين موصولا بأجهزة التنفس الصناعي، بحالة شديدة الخطورة؛ بعد دهسه من مركبة إسرائيلية.
يعرف عن الهذالين مشاركته في فعاليات المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، واعتراضه الآليات العسكرية الإسرائيلية في كل عملية مداهمة للتجمعات الفلسطينية شرق بلدة يطا، جنوبي الخليل
لا يملك ذوو المصاب الهذالين (69 عاما) إلا التضرع إلى الله أن يشفيه، بعد أن استفذت كل الإمكانيات الطبية.
وفي 5 يناير/كانون الثاني الجاري تعرض الرجل لإصابات بالغة في أنحاء جسده، بعد أن دهسته شاحنة تابعة للشرطة الإسرائيلية داخل قريته "أم الخير” جنوبي الخليل، خلال حملة لجمع سيارات تعتبرها "غير قانونية”، وهي غالبا منتهية الترخيص، وتشترى لبيع قطعها.
وبينما تتهم عائلة المسن الشرطة الإسرائيلية بتعمد دهسه "للتخلص منه”، يقول أطباء إن حالته الصحية في مرحلة "شديدة الخطر”.
ويعرف عن الهذالين مشاركته في فعاليات المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، واعتراضه الآليات العسكرية الإسرائيلية في كل عملية مداهمة للتجمعات الفلسطينية شرق بلدة يطا، جنوبي الخليل.
الوضع الصحي
وفق استشاري جراحة المخ والأعصاب، المشرف على الحالة، الدكتور عماد التلاحمة، فإن الحاج سليمان تعرض لإصابات وكسور عديدة في أنحاء جسده.
الدكتور عماد التلاحمة: المصاب (الهذالين) احتاج 50 وحدة من الدم في أول 24 ساعة، هو الآن على قيد الحياة في حالة اللاوعي، لا يستطيع الاستجابة
وقال في حديثه للأناضول: "هناك تكسّر شديد في الحوض وتمزق في الأمعاء والطحال، وتكسر في الصدر ورضّة على الرئتين، وكسور في العمود الفقري، وإزاحة في الفقرة الخامسة العنقية”.
وأضاف التلاحمة أن هناك أيضا "تهشم مع تكسر في الوجه، وإصابة للدماغ في الجهة الأمامية مع نزيف شديد في عدة أماكن”.
وأشار إلى 3 ساعات من العمل لإيقاف النزيف عند وصول الهذالين إلى المستشفى قائلا: "الحمد لله تم تثبيت النزيف، وجرى فتح البطن وإزالة أجزاء من الأمعاء، وإزالة الطحال وإيقاف النزيف من شرايين وأوردة متمزقة في الحوض”.
وأوضح التلاحمة أن "المصاب احتاج 50 وحدة من الدم في أول 24 ساعة، هو الآن على قيد الحياة في حالة اللاوعي، لا يستطيع الاستجابة”.
وتابع: "لا يوجد موت دماغي حاليا، ويتوقع أن يدخل في هذه الحالة لأنه لا يستجيب بالرغم من حفاظنا على المعايير الحيوية”.
"دهس واستهداف متعمد”
من جهته يقول إبراهيم الهذالين، شقيق المصاب إن أصول عائلته تعود لقبيلة الجهالين، أكبر العشائر البدوية في فلسطين، ومنذ عقود يسكن بعض أفرادها في قرية "أم الخير” جنوبي الضفة.
ويواظب إبراهيم على التواجد في مستشفى الميزان، لاستقبال عشرات المسؤولين الفلسطينيين والمتضامنين من معارف شقيقه.
ويضيف في حديثه للأناضول: "الحاج سليمان أحد أعمدة المقاومة السلمية في مواجهة الاحتلال”، متابعا أن وضعه الصحي "حرج للغاية، وهناك تراجع في اليوم الأخير على صحته”.
ويشير الهذالين إلى أن الشرطة الإسرائيلية دهست شقيقه "بشكل معتمد عن سبق وإصرار وترصد، وهي محاولة اغتيال جبانة”، مشيرا إلى أن شقيقه مستهدف منذ سنوات "لدوره الفاعل في مواجهة الاستيطان”.
ويتابع إبراهيم: "المحاولات السابقة (لاغتياله) فشلت، لكن هذه نجحت للأسف الشديد في إيذاء الحاج بشكل كبير جدا، فتنصلوا (أفراد الشرطة) من هذه المسؤولية، وغادروا المكان دون أن يقدموا أي إسعافات له”.
ويلفت إلى رد شكوى تقدمت بها العائلة للشرطة بخصوص ما حصل مع شقيقه، لكن كانت المفاجأة أن "الشرطة الإسرائيلية رفضت الشكوى من طرفنا، بدعوى أنها هي من قامت برفع دعوى علينا”.
ويؤكد أن محاولات تقديم الشكوى مستمرة لكن "الأمور تسير ببطء شديد جدا لتعنت الاحتلال وعدم استجابته مع هذه القضية”.
حمل إرث أبيه
ويعرف الناشط في حقوق الإنسان والمقاومة الشعبية، هشام الشرباتي، الهذالين، عن قرب ويوثق معاناته منذ عقود.
يقول الشرباتي لمراسل الأناضول: "الشيخ هو أحد عناوين الصمود جنوب الخليل، أسرته هجرت من النقب، ووالده اشترى أرضا بداية الخمسينات واستقر فيها” في إشارة لقريته "أم الخير”.
ويضيف أنه أدرك وفاة والد سليمان، الحاج عيد يامن الهذالين، الذي قارع الاستيطان في بداياته حين أقيمت مستوطنة على أرضه "وكان يربط حبل الخيمة في سياج المستوطنة”.
ويشير الشرباتي إلى أن الحاج سليمان حمل إرث والده "فتعرض منزله ومنازل أبنائه للهدم عدة مرات، وفي كل مرة كان يجري، إعادة بناء هذه المساكن من قبل أفراد الأسرة”.
ويتابع أن الحاج سليمان عدا عن دفاعه عن التجمع "هو أحد العناوين في مختلف المواقع، ليس فقط جنوب الخليل إنما أحياء أخرى (..) نشط في التصدي لعمليات هدم البيوت في المنطقة، وعندما تتحرك الجرافات للمواقع (لتنفيذ هدم) يرمي نفسه أمامها”.
ويرى الشرباتي أن "الهذالين يستحق لقب أيقونة الصمود والمقاومة الشعبية في فلسطين، ورجل يتحلى بالشجاعة وصاحب إيمان عميق، وكانت أمنيته: شهادة تغيظ العدِى وتسرّ الصديق”.
لا تحقيق إسرائيلي
وتقول منظمة "بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية، إنها توجهت منذ عام 2000 وحتى نهاية 2015 إلى النيابة العسكرية مطالبة بالتحقيق في 739 حادثة قتل أو جرح أو ضرب فلسطينيين أو استخدامهم دروعا بشريّة على يد جنود أو تخريب ممتلكاتهم.
وتضيف أن النتيجة كانت حتى منتصف عام 2016 أنّ رُبع هذه الحالات لم يجر التحقيق فيها بتاتًا، ونصفها تقريبًا فتح فيه ملف تحقيق وأغلق دون أن يسفر عن شيء.
وتقول إنه في حالات نادرة جدًا تمّ تقديم لوائح اتّهام ضدّ الجنود الضالعين في الحادثة عددها 25 لائحة، وهو ما يعني أن احتمالات انتهاء الشكوى بلائحة اتّهام هي 3 بالمئة فقط.
وبين يناير/كانون الثاني ومنتصف ديسمبر/كانون الأول 2021 قتل الجيش الإسرائيلي 324 فلسطينيا وأصاب نحو 17 ألفا، في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، وفق مكتب تنسيق الشؤن الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
(الأناضول)