العقيد محمود الشياب يكتب : صوان الأرض وزيتونها..

تمضي الأيام ويرحل الصيف الحارق، ليتسلل من تحت عباءته خريف متقلب الأجواء، حتى إذا جاء فصل المطر والشتاء، واختبأنا خلف المدافئ، وتحت أكوام الأغطية، ينصرف كلٌ إلى غايته، إلا ذلك الرجل يبقى هناك واقفاً مرتدياً شعار الوطن.
ويوماً بعد يوم، وفصلاً بعد آخر، وشتاءً بعد شتاء، تتوالى الأحداث، وتتغير الوجوه والأسماء، ويبقى الجندي الأردني على اختلاف مكانه، أو الجهاز العسكري والأمني الذي نال شرف الانتساب إليه، ثابتاً مرابطاً على العهد والوعد، لا يتزحزح من مكانه، ولا تنال الأيام من وقاره، كأنه هرمٌ راسخٌ في أرض الوطن.
 إنه ابن الأم الأردنية المعطاءة، المزدهي بشعار الوطن، المتأنق بالفوتيك، الجامع في ملامح وجهه زيتون إربد، وشمس معان، وشموخ السلط وشيحان، والجامع في نقاء سريرته صفاء البادية، ودفء الغور، ونسائم عجلون والطفيلة، وعراقة مادبا وجمال عمان.
وهو في الغالب عسكري، ابنٌ لعسكري، وربما أب لعسكري، يحمل في بصمته الوراثية جينات حب الوطن والقائد، وخلايا التضحية والفداء، حلم الطفولة كان له "بدلة عسكرية"، وأحاديثه المفضلة عن الجندية، يحب الحي والقرية والمدينة والناس، وتسري النخوة والشهامة في عروقه.
ذاك هو العسكري الأردني، صوان الأرض وزيتونها، هرم الأردن وبترائها، والنفط الذي لن تجده إلا في أرضنا.

محمود الشياب