مقلوبة أُمّي / كامل النصيرات
في أغلب أموري أحاول الحياد وأجتهد لتحقيقه إلا في (المقلوبة) فإني منحاز لمقلوبة أمّي..لا تدانيها مقلوبة ..لا تعلوها مقلوبة..لا تقترب من شواطئها مقلوبة..! ليس لأنها جاج ورز وبيتنجان وشعرية..فكلّ المقلوبات كذلك..بل لأن أمّي تعرف كيف تعدّ للانقلاب جيداً رغم أنها لا تفهم في العسكرية شيئاً..!
تريد (أم وطن) أن تغضب لعشرات بل مئات المقلوبات التي دحشتها في معدتي ؛ فلتغضب..عند مقلوبة أمي لا أجامل..وحين كانت أم وطن تترك لي مساحة من التعبير الحرّ وتسألني عن مقلوبتها ؛ أجيبها على الفور: أحنّ إلى مقلوبة أمّي..وإلى سلطة أمّي وإلى قاع طنجرة مقلوبة أمّي..! حتى أن أم وطن صارت حافظةً لدرسها ..مستسلمة لقدرها..فصارت تسألني: بالله عليك مش مقلوبتي أحلى مقلوبة بعد مقلوبة أمّك..فأجيبها نعم ..فتفرح لاحتلالها المركز الثاني..!
المهم..أحدثكم عن مقلوبة أمي ؛ ليس لكي أدعوكم إليها..بل لأحدثكم عن مشهد واحد صغير من ذلك الحدث الكبير..لحظة قلب الطنجرة على السدر..تلك اللحظة كل العيون ترحل إليها..لا أحد تفوته ..يتوقف الزمن..تتجمع القطط..يقف الصغار متجمدين بانتظار ((الانقلاب))..أمّي تجيد الانقلاب تماماً ..ولولا الحياء لصفّق الجميع كلّ مرّة..لو ترون الابتسامات على الوجوه..لو تدركون الشهقة المكبوتة التي لا تخرج أو لو تدركون الزفير الهارب منك إليك ..لكنها فرحة متكررة عند كلّ انقلاب..!
أمّي تجيد الانقلاب ..وأحلف على هذا مليون مرّة..أعطوها فرصةً واحدة كي تشرح لكم كيف تكون المقلوبة لمّة شعوب عربية في وجه الضياع الذي فرضته المؤامرات على ((الأرفل)) وإخوته ((الأرفليين))..!