أزمة كبيرة وطويلة

سعيد الصالحي

كمواطن بسيط يقترب من عقده الخامس لاحظت أن الخدمات الحكومية التي قدمتها وتقدمها لنا الحكومات خلال الأزمات غالبا ما تكون مميزة وعلى مستوى عال من الاحتراف والمهنية والتنظيم، أما بعد انتهاء الأزمة أو المنخفض الجوي تعود الخدمات الى مستواها العادي وربما أقل قليلا في بعض الأحيان، وهذا بصراحة أمر مثير للاستغراب إذ أن الأصل أن تقدم الخدمات المميزة في الظروف العادية واليومية وأن نتقبل الأداء غير المثالي والمنقوص لها في الظروف غير التقليدية ولكن ما يحدث عندنا هو العكس.

ففي الظروف الصعبة نصبح أكثر أنسانية وتراحما مع بعضنا فالجار يسأل عن جاره والكل يترك سيارته لدفع سيارة متعطلة على الإشارة الضوئية، والكل يبطئ من سرعة سيارته عند المرور فوق المسطحات المائية، ويتسابق الجميع حكومة وشعبا للتعاضد والتكاتف ونجلس جميعا في منازلنا ننعم بدفىء ما قدمنا لبعضنا من مساعدات ومحبة.

فلماذا كلنا كحكومة وكشعب لا نتذكر ما علينا إلا في الأزمات والظروف غير التقليدية؟ لماذا لا نقدم هذه الروح في كل يوم؟ هل علينا أن ننظر إلى كل يوم على أنه أزمة حتى نحظى بهذه الخدمات وهذه المودة بيننا؟ أو ربما هذه الرحمة والخدمات تتساقط علينا من السماء مع المطر.

ومن الملاحظ أن الأزمات التي تحرك مشاعرنا أيضا لها مواصفات أولها أن تكون قصيرة ومرتبطة بتعطيل الحياة العامة لعدة أيام فعلى ما يبدو أن الفكر الخدمي في بلادنا يتطلب تحرك طرف وسكون طرف آخر كأننا غير معتادين على الحركة التفاعلية بين مكونات المجتمع.

إذا كانت الازمات الصغيرة والقصيرة فقط هي التي تدفعنا جميعا كحكومة وشعب لإخراج أفضل ما لدينا فنحن فعلا في أزمة كبيرة وطويلة.