بقلم / الإعلامي العميد المتقاعد :

هاشم المجالي.

يوم أمس كان لثْلٌة من ملتقى النخبة الذي أسسه الأخ العزيز الدكتور محمود الدباس لقاء اروع من رائع مع دائرة الإفتاء العام ومفتيها سماحة الشيخ الدكتور عبد الكريم الخصاونة ومساعديه من هيئة العلماء في هذه الدائرة.

لقد ابتدأ سماحة المفتي كلامه عن خدمته العسكرية التي تجاوزت 37 عاما حتى وصل لرتبة لواء ، وعن حبه لهذه الخدمة وانتمائه للجيش العربي المصطفوي ، ثم عرج على من أسس إدارة الإفتاء في القوات المسلحة من الشيخ المرحوم   عبد الله العزب إلى المرحوم الشيخ نوح القضاة.  

ثم استمعنا إلى سماحته ومن معه بشروحات وافية وكافية عن عمل هذه الدائرة التي تفاجئنا بالمستوى العالي لحرفتيها وحداثتها ومرونتها وكذلك لعلم أهلها ودورهم الكبير في نبذ الفتنة في هذا الوطن.

لقد تفاجئنا بأن دائرة الإفتاء دائرة متطورة تكنولوجيا وتواكب الحداثة بحيث أنها لا تتعامل ورقيا في كل معاملاتها ومراسلاتها حيث أنها سبقت العديد من المؤسسات الحكومية في ذلك، فهي تمتلك موقعاً الكترونياً يجيب كل سائل أو مستفت عن فتواه، موقعاً يمتلك كل وسائل العلم والمعرفة بما يخص علم الإفتاء وباللغة العربية والإنجليزية، ويستخدم أيضا لغة الإشارة للصم والبكم.

لقد شاهدنا أسرة متجانسة محبة لعملها تخشى الله  وتتحمل أمانة المسؤولية، وتراعي في اجاباتها أيضا التخصصية لكل علم من العلوم الشرعية والدنيوية  ، بحيث أن هناك متخصصون بالأحوال الشخصية من ميراث وزواج وطلاق وأخرون بالمعاملات المالية والتجارية واخرون بالإعلام.... الخ. 

لقد كشف لنا سماحة المفتي أنهم يتعرضون احيانا إلى مسائل وأسئلة افتراضيه قد تؤدي إلى التشكيك وإثارة الفتنة، ولهذا فإنهم يصمتون ولا يردون على السائل إلا بعد أن يتأكدوا من وقوع المسألة فعلاً وحسن نية السائل فهم لا يتعجلون بالإجابة الا بعد التأكد والاستفسار عن المسألة وسؤال المختصين وقد يتبين لهم أحيانا عدم وجود هذه المسألة في الواقع فمثلا عندما يتم سؤالهم عن فتوى جواز ترخيص معبد بوذي في بلادنا وبعد تبين عدم وجود مثل ذلك أصلا فلا تكون هناك اجابة لأنه سؤال افتراضي والأصل في الفتوى ان تكون عن سؤال وحادثة واقعية وعمليه.

  لقد تفاجئت انا والحضور من أجوبة دائرة الإفتاء على الأسئلة التي ترد اليها حيث تكون اجابتها مؤيدة إما نص قرآني أو سنة نبوية أو إجماع الفقهاء وأحيانا يجتمع مجلس الإفتاء ويجتهدون بإصدار فتاويي في المسائل المستجدة مثل نقل الأعضاء والخلايا الجذعية والاجارة المنتهية بالتمليك ونحوها  وقد يعرض عليهم بعض الأسئلة عن الأمور الواضحة الجلية والتي لا يختلف في معرفة حكمها احد من المسلمين لأنها من المعلوم من الدين بالضرورة ولا يجور لاحد الجهل بحكمها مثل حكم الصلوات الخمس وحكم شرب وبيع الخمر فهذه المسائل ونحوها لوضوحها لا تحتاج الى فتاوى أصلا 

وقد يعرض عليها فتاوى مما يتعلق بالشأن العام كحكم المشاركة في المظاهرات والمسيرات وتكون الإجابة عليها بعد عرضها على الأدلة الشرعية وموازنة المصالح والمفاسد بجوازها ضمن شروط معينة لا على اطلاقها ، 

 إن دائرة الإفتاء بمفتيها وشيوخها الأجلاء والعلماء تعتبر مفخرة لهذا الوطن وذلك لأنها صارت ملجئاً ليس فقط لأبناء الشعب في هذا الوطن العزيز وإنما لأبناء الأمة الإسلامية والعربية   في كل أنحاء العالم، فنسبة المتابعين لها في دول العالم عالية جدا وزادت عن الملايين، وفتاويها صارت تؤخذ وتعتمد كما هي من معظم دول العالم وشعوبها حتى في مصر والسعودية.

وأخرا وليس أخيرا  اقول لنفسي ولمن كان يصبغ القصور على هذه الدائرة بما يخص الشأن العام ، بأنني اكتشفت بعد هذه الزيارة أننا  نحن الجاهلون بما صدر عنها من فتاوي عن الفساد و إساءة  الأمانة وسرقة المال العام أو المكافئات الغير مستحقة أو التعيينات الغير عادلة أو الواسطة والمحسوبية ، حتى أنها حرمت المكافئات الجزافية والمستشارون الذين يتقاضون رواتب وهم لا يشاورون  .وحرمت إنشاء نوادي الكازينو وأكدت على تحريم الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية وكل ما يؤدي إلى معارضة قيمنا الدينية وعاداتنا الإجتماعية. 

وأخيراهم منارة علم وإبداع ومعرفة  يجيبون على الأسئلة التي توجه لهم ويتمحصون ويفحصون  الفتاوي فإذا كان السؤال يخص شأنا عاما فإنهم يردون عليه ويعممونه ، وإذا كان سؤالا شخصيا  حول ظرف خاص فأنهم يجيبون و يسترون ولا يفضحون     .

حماكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم وحفظ الله الأمة الإسلامية والعربية ووطننا الحبيب .