“أونروا”: نعمل في غزة ضمن سياسة “التقشف”
غزة- نور أبو عيشة: قال توماس وايت، مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا” في قطاع غزة، إن الوكالة تتبع سياسة "التقشف”، والتي تؤثر على تقديم بعض الخدمات للاجئين، وذلك بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها.
وحذر وايت، من تأثر المزيد من الخدمات المقدمة للاجئين في حال استمر العجز المالي في الموازنة العامة لـ”أونروا”.
وأوضح أن "أونروا” تناضل للحصول على 800 مليون دولار فقط، كموازنة للبرامج الأساسية، كي تتمكن من تقديم خدماتها للاجئين، في مناطق عملياتها الخمس.
وتأسست "أونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين والخدمات الأساسية، لاسيما التعليم والصحة، لأكثر من 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل لقضيتهم.
وأضاف وايت: "تقديم الخدمات في الوضع الطبيعي يحتاج إلى 800 مليون دولار، للتمكّن من تقديم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والغذاء”.
وأشار إلى أن عدم حصول "أونروا” على هذا المبلغ، سيهدد عمل الوكالة والخدمات التي تقدّمها.
ولفت إلى أن الوكالة تتواصل بشكل مستمر مع "المجتمع المحلي، والدول المانحة”، لاطلاعهم على آخر المستجدات.
وفي 18 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، إن الوكالة "تتطلع للحصول على 1.6 مليار دولار من المجتمع الدولي في 2022”.
وبيّن وايت أن "المبلغ يتضمن تمويلا طارئا إضافيا للأونروا لتلبية الاحتياجات الإنسانية الناشئة عن الأزمات في غزة والضفة الغربية (والقدس الشرقية) وسوريا ولبنان”.
أزمة مالية
يقول وايت إن الأزمة المالية التي تمرّ بها وكالة "أونروا” كبيرة ومُمتدة، وتشكّلت خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن هناك التزاما سياسيا من الدول المانحة تجاه "أونروا”، خاصة أن الوكالة تعمل بتفويض من الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لكن "للأسف فإن هذا الالتزام الدولي لا يتماشى مع الالتزام المالي المطلوب”، وفق قوله.
وولفت إلى أن احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في ازدياد مضطرد، في ظل زيادة أعدادهم، لكن "مدخولات الوكالة الأممية ثابتة”.
وتابع: "عدد الأطفال في الصفوف المدرسية يزداد، وعدد الزائرين للعيادات الطبية أيضا في حالة تزايد، وحالات الضغط النفسي التي يعاني منها اللاجئون ترتفع”.
وأردف: "أونروا لا تستطيع تقديم خدماتها على النحو الذي ترغب به جرّاء هذه الأزمة”.
وأشار أن آلية التقشّف التي تتبعها "أونروا” قائمة على "وضع سياسة النجاعة في تقديم الخدمات، في ظل الأموال المحدود الواصلة إليها”.
نداء الطوارئ
وأفاد مدير شؤون "أونروا” بغزة، إن الوكالة الأممية أطلقت، مؤخرا، نداءً لدعم برنامج الطوارئ في القطاع، بقيمة 376 مليون دولار.
وأضاف: "كل سنة نُطلق برنامج الطوارئ لدعم غزة، بموازنة إضافية إلى جانب موازنة البرامج الاعتيادية”.
وذكر أن الواقع في قطاع غزة، "تأثر بشكل كبير خاصة بعد الصراع الأخير في مايو/ أيار الماضي، وفي ظل جائحة كورونا”.
ولمدة 11 يوما، شنت إسرائيل عدوانا على غزة، انتهى بوقف لإطلاق النار في 21 مايو الماضي، خلّف مئات الشهداء والجرحى، إضافة إلى دمار واسع النطاق.
وأكمل وايت: "الموازنة الأساسية لا يمكن أن تغطي احتياجات القطاع الجديدة والإضافية خاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، وزيادة نسبة الفقر”.
وبيّن أن مليونا و400 ألف شخص من لاجئي قطاع غزة يستفيدون من خدمات وكالة "أونروا” الأساسية.
وأوضح أن جائحة كورونا تعدّ عاملا إضافيا زاد من العبء على البرامج الاعتيادية لـ”أونروا”، لافتا إلى أن تغطية جزء من هذا العبء سيتم عبر برنامج الطوارئ.
وذكر أن ملف إعادة إعمار ما تم تدميره خلال حرب مايو الماضي، يندرج ضمن هذا البرنامج.
وبيّن أن برنامج الطوارئ يدعم أيضا خدمات الدعم النفسي والنشاطات التي يتم تنظيمها في هذا الإطار، للأطفال والمرشدين النفسيين بغزة.
وقال: "لوحظ ازدياد في مستوى الحاجة للدعم النفسي بين صفوف الأطفال والشباب، حيث نقدّر أن 50 بالمئة منهم باتوا بحاجة لدعم نفسي”.
ملف الإعمار
وذكر وايت أن "أونروا” قريبة جدا من الحصول على "كافة الأموال اللازمة لإعادة بناء وإصلاح المنازل المتضررة بشكل بليغ، أو المدمّرة كليا خلال حرب مايو الماضي”.
وتابع أن "عدد تلك المنازل بلغ 1300، تعود لعائلات فلسطينية لاجئة، فيما تدفع أونروا الأموال كبدل إيجار لتمكينهم من البقاء في المنازل المُستأجرة (المؤقتة)”.
وأوضح أن آلية الإعمار تعتمد على "صرف دفعات مالية للعائلات المدمّرة منازلها كليا، على مراحل، مع متابعة طاقم المهندسين التابع للوكالة، لكيفية سير هذه المراحل”.
وأردف: "طاقم المهندسين سيتابع مع العائلات، وحينما يتم التأكد من إتمام المرحلة الأولى، يكون هناك دفعة ثانية وثالثة”.
وبيّن أن عملية الإعمار مُمنهجة، قائلا إن "اللاجئ هو من يقوم بهذه العملية مع تأكيد شراكتهم مع أونروا، كي يكون هناك مصداقية في صرف أموال المانحين”.
وحول تعويض الأضرار الجزئية، قال المسؤول الأُممي إن نحو 7 آلاف عائلة فلسطينية لاجئة تلقّت أموالا لإصلاح وإعادة تأهيل ما تضرر من منازلها.
وأشار إلى أن الأموال التي استلمتها أونروا، منفصلة عن موازنة البرامج الأساسية، ولن تشهد أيّ حالة تقشّف.
ومن جانب آخر، تطرّق وايت إلى أوضاع منازل اللاجئين المُتهالكة داخل المخيمات في قطاع غزة، والتي وصفها بـ”البائسة”.
وقال: "هناك عشرات الآلاف من المنازل داخل المخيمات، تم بناء بعضها منذ خمسينيات القرن الماضي، ووضعها صعب جدا”.
وبيّن أن "أونروا” ناشدت المجتمع الدولي لإعادة بناء هذه المنازل أيضا وإصلاحها، لافتا إلى وجود حالة من التجاوب لبعض المناشدات.
وقال إن أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة بحاجة إلى "دعم الحياة العامة، حيث يتم محاصرة وإيقاف التطور الطبيعي للحياة”.
وأوضح أن غزة غنيّة برأس المال "البشري، من الأشخاص ذوي الطموحات والقدرات العالية جدا، وأصحاب الجهوزية للعمل”، قائلا إن مستقبلهم سيكون جيدا في حال تم "استثمار قدراتهم”.
وبيّن أن سكان غزة غير قادرين على تحقيق آمالهم بسبب "المعوقات الكثيرة التي توضع أمامهم ومنها الحصار (الإسرائيلي المستمر للعام الـ16 على التوالي)، والصراعات”.
وذكر أن تحسين الحياة العامة بغزة يتطلب وجود عاملين مهمين وهما "الاقتصاد، والأفق السياسي الجيد”.
وقال إن الاقتصاد في غزة يجب "ألا يتم إعاقته وتقديم الدعم له، إلى جانب إتاحة حرية الاستيراد والتصدير، فضلا عن رفع الحصار (الإسرائيلي) على اقتصاد القطاع، ودعم البنية التحتية”.
واستكمل قائلا: "البعض يكون قد خطط لمستقبله بغزة، وفجأة يحدث صراع أو حرب أو انفجار، ويتدمّر كل شيء”.
شركاء "أونروا”
وقال المسؤول الأُممي إن الولايات المتحدة، وتركيا، من أهم شركاء وكالة "أونروا”.
ووصف الولايات المتحدة بـ”الداعم والشريك الجيّد لوكالة أونروا”.
وأوضح أن علاقة الوكالة الأممية مع واشنطن "ممتازة”، مضيفا: "سيتم البناء عليها لخدمة اللاجئين”.
وحول اتفاقية الإطار التي وقّعتها "أونروا” مع واشنطن، قال وايت إن هذا الاتفاق "يتم وضعه بين أي داعم أو متبرع، وأي جهة مُنفّذة، ولا يعوق تقديم الخدمات”.
ومطلع أبريل/ نيسان 2021، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إعادة الدعم المالي لنشاطات "أونروا” المقدر بـ 150 مليون دولار، ضمن اتفاقية "إطار عمل” مع الوكالة، وذلك بعد سنوات من وقفه بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب في أغسطس/ آب 2018.
ومن بنود الاتفاق، بحسب المكتب التنفيذي للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، "وقف مساعدة الأونروا عن كل لاجئ ينتمي للفصائل الفلسطينية، ومراقبة المنهاج الفلسطيني وحذف وشطب أي محتوى لا يتناسب مع وجهة نظر الاحتلال”.
وعن الدعم التركي لـ "أونروا”، قال مدير شؤون "أونروا” في غزة، إن تركيا "داعم ممتاز وشريك مهم جدا لوكالة الغوث”.
وأضاف: "كما لتركيا دور في العديد من المساهمات بغزة، وزادت دعمها لأونروا من خلال برنامج الموازنات العامة، كما قدّمت خدمات للاجئين بغزة عبر دعم برنامج الطوارئ”.
(الأناضول)