مؤسسات نسوية: إسرائيل تنتهك حقوق
غداة نشر تقرير "الآبرتهايد” من قبل "أمنستي” قدمت أمس جمعيات أهلية فلسطينية داخل أراضي 48 تقريرا للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حول تقاعس السلطات الإسرائيلية في تطبيق مواد "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الذي وقعت عليه إسرائيل عام 1991.
وصدر التقرير عن جمعية "نساء ضد العنف” ومركز الطفولة (مركز نسائي- تربوي متعدد الأهداف) وجمعية كيان- تنظيم نسوي ولجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية. ويتطرق التقرير الذي قدمته الأطر أعلاه لانتهاكات في نقطتين أساسيتين، الأولى هي جرائم قتل النساء الفلسطينيات المواطنات في إسرائيل، وتقاعس الشرطة وسلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية في التعامل مع هذه الجرائم.
وتشير الأبحاث إلى وجود فجوات كبيرة وتمييز صارخ في تعامل الشرطة الإسرائيلية مع جرائم قتل النساء الفلسطينيات مقارنة بجرائم قتل النساء اليهوديات، من حيث الكشف عن هوية المجرمين وتقديم لوائح اتهام ضدهم. كما يشير التقرير إلى وجود فجوات في العقوبات التي تفرضها المحاكم على المجرمين، فالأحكام تكون أكثر صرامة حين تكون الضحية امرأة يهودية. ويؤكد التقرير على أن هذا التمييز يتعارض مع بنود العهد الدولي التي تنص على الحق في الحياة وعلى المساواة وعدم التمييز على أساس العرق أو الأصل القومي أو الجندر أو أي وضع آخر.
التستر على معلومات حيوية
كما يطرح التقرير الذي قدم للأمم المتحدة موضوع انعدام معطيات وافية حول جرائم القتل التي تستهدف النساء الفلسطينيات، إذ ترفض الشرطة الإسرائيلية نشر معلومات مفصلة حول ضحايا جرائم القتل من الفلسطينيات، وبالتالي هي تمنع الجمهور من متابعة عملها ومساءلتها حول تعاطيها مع هذه الجرائم.
أما النقطة الثانية التي يتناولها التقرير، فتتمحور حول تعامل السلطات الإسرائيلية مع ظاهرة تعدد الزوجات. ويشير التقرير إلى أن ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع الفلسطيني البدوي خاصة في النقب في إسرائيل هي نتيجة تمييز متعدد الجوانب والتقاطعات، ولا يمكن إيعازها إلى عوامل ثقافية فقط.
كما يشير التقرير إلى وجود علاقة وثيقة بين ظاهرة تعدد الزوجات وسياسات سلب الأراضي في النقب ويؤكد على أن إسرائيل تجاهلت لسنوات طويلة تطبيق الحظر الجنائي على تعدد الزوجات الذي أقر عام 1977، بالرغم من الأذى الموثق الذي تلحقه هذه الظاهرة بالنساء. وشددت الجمعيات على أن السلطات الإسرائيلية وضعت هذه القضية على الأجندة العامة مؤخرا لأسباب تتعلق بما يسمى "التوازن الديموغرافي” بين الفلسطينيين واليهود في منطقة النقب وليس من منطلق الحرص على حقوق النساء.
الإكراه الديني
ويطرح تقرير الجمعيات النسوية كذلك موضوع "الإكراه الديني” في منظومة قوانين الأحوال الشخصية والذي يتنافى مع بنود العهد الدولي التي تنص على أن "لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين”. إذ تتعامل إسرائيل مع قضايا الزواج والطلاق من خلال المحاكم الدينية فقط، وحتى لو اختارت النساء التوجه للمحاكم المدنية في قضايا أخرى، تعمل المحاكم المدنية أيضا على تطبيق القوانين الدينية للأطراف. وجاء في التقرير النسوي بأن الدولة لا تقوم بدورها بمساءلة المحاكم الدينية حول عملها الذي قد يتعارض مع الحق في المساواة الجندرية وعدم التمييز.
وتطالب المؤسسات النسوية، من خلال التقرير الذي قدمته للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بمساءلة إسرائيل حول الانتهاكات والخروقات التي تمارسها في مجال حقوق الإنسان عامة وحقوق النساء الفلسطينيات المواطنات في إسرائيل على وجه الخصوص. وحسب بيان الجمعيات النسوية فإن مندوبات عن المؤسسات التي قدمت التقرير، ستقوم بعرضه أمام اللجنة المعنية في الأمم المتحدة في شهر مارس- آذار المقبل.
الشرطة الإسرائيلية تقفز عن جثث النساء العربيات
في سياق متصل عقدت أمس جلسة في لجنة النهوض بمكانة المرأة والمساواة الجندرية في البرلمان الإسرائيلي برئاسة النائبة عايدة توما-سليمان (الجبهة-المشتركة) لمناقشة نتائج بحث بموضوع معالجة الشرطة لجرائم قتل النساء الفلسطينيات المواطنات في إسرائيل. وهو بحث مقارن أجرته جمعية نساء ضد العنف، مركز الطفولة ولوبي النساء وكتبته الباحثة والمحامية شيرين بطشون.
ويسلط البحث الضوء على النساء الفلسطينيات في إسرائيل نظرا إلى نسبتهن المرتفعة في إحصائيات جرائم القتل وهي أعلى بكثير مقارنة بنسبتهن بين السكان حيث تبلغ هذه النسبة 19% من مجمل النساء اللاتي تبلغ أعمارهن 18 عاما فما فوق بينما تبلغ نسبتهن من بين النساء ضحايا القتل 58%. وقام البحث بدراسة 233 حالة قتل لنساء فلسطينيات ويهوديات على مدار عقد من الزمن بين السنوات 2008 حتى 2018 وتم إجراء مقارنة بينها وأهم ما تم الكشف عنه هو أن من بين جرائم القتل التي لم يتم حلها 84% منها جرائم ضد عربيات.
معطيات مروعة
في تعقيبها على نتائج البحث قالت رئيسة اللجنة عايدة توما – سليمان: "المعطيات مروعة وهي بمثابة لائحة اتهام ضد سلطات إنفاذ القانون جَمعاء وعلى رأسها الشرطة”. واعتبرت أن النتائج دامغة وفاضحة ولا تترك مجالا للشك وقالت إن سلطات تنفيذ القانون الإسرائيلية تعطي رخصة لقتل النساء الفلسطينيات وليس أقل، وأضافت: "عندما يدان القتلة في 35% من الحالات فقط هذا معناه أن 75% من القتلة أحرار – هذا ضوء أخضر للقتل”.
وقالت عايدة توما سليمان في بيانها إنه قد تم استدعاء مندوبين عن الشرطة والنيابة العامة الإسرائيلية لتقديم الأجوبة حول معطيات البحث إلا أنه كان من الواضح أن المندوبين يتهربون من تقديم هذه الأجوبة والمعطيات بحجج واهية. وتابعت "مما أثار حفيظة النواب المشاركين ورئيسة اللجنة تقسيم النساء ضحايا القتل في الإحصائيات حسب الديانة في محاولة للتغطية على التمييز الفاضح في التعامل حسب القومية”.