يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى

بكبرياء الأردنيون وعزهم وفخرهم، نتكاتف اليوم لنحيي مناسبة وطنية خطّها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه لإخوانه من رفاق السلاح في ميادين الشرف والبطولة، أصحاب الجباه السمر والهامات العالية، بناة رفعة الوطن، أهل التضحية الذين واجهوا الصعاب وكان لهم لقاءات مع الموت، أرادوا الشهادة التي نالها رفاق لهم ليحيا الوطن ويبقى شامخاً عزيزاً، وهم الذين رسموا صفحات مشّرفة عابقة بالنصر، وخطّوا ذاكرة الوطن بقلم البسالة، فهم الرجال الاوفياء من المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، ولا زال لسان حالهم ينطق شوقاً لاعتمار الخوذة ولبس الفوتيك حمل السلاح، فلا تقاعد للشجاعة والإخلاص، ولا استراحة على درب الشهادة.
 
وهنا لا بد أن أستذكر كلمات الراحل العظيم المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه عندما وصف ابطال الجيش الأردني المصطفوي عشية يوم المعركة عندما قال "لقد باتت البطولة، وأصبحت الرجولة صناعة قواتنا المسلحة، وشيمتها الأبدية، وإننا نعتز بكوكبة الشهداء الأردنيين الذين تطرزت كل الروابي بدمائهم الزكية الطاهرة، وقد جاورت أرض المعراج والصعود، وفاح العبق الأردني في باب الواد، وتخضبت هضاب الخليل ونابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية بالنجيع الطاهر.
 
فكما كان اعتزاز الحسين الباني طيب الله ثراه بالجنود البواسل من منتسبي القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، فقد كان كذلك اعتزاز وفخر الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بهم، فهم رفاقه في ميادين ووحدات وتشكيلات القوات المسلحة، فكان وفائه لهم كبير، فكرمّهم بتخصيص يومٍ الخامس عشر من شهر شباط من كل عام يوماً وطنياً للاحتفاء برفاق السلاح من المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، يوماً يحملُ في طياته معانٍ ودلالاتٍ عميقة لهذا التاريخ، وتقديراً لعطائهم وتضحياتهم الجليلة عندما سطّروا أروع البطولات في الذود عن ثرى الأردن الطهور وفلسطين، وفي هذا اليوم نتنسم عبق الشهادة ونحن نستذكر معركة الصمود التي فيها قبس ونسائم من معركة الكرامة.
 
وان المكرمة الملكية السامية لرفاقه في السلاح من المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى بتخصيص يوم وطني لهم، تأتي استكمالاً لسلسلة المكارم الملكية السامية التي شملت كافة منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من متقاعدين وعاملين، نظراً للمكانة الخاصة لهم في وجدان الاردنيين، ولإيمان جلالة المعظم المطلق بالكفاءة والمهارة التي يتمتع بها منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من عاملين ومتقاعدين، وتجسيداً لدورهم الريادي في بناء صروح الوطن والدفاع عن مكتسباته وصونها، فهم الذين كانوا ومنذ تأسيس مملكتنا الزاهية أحد الثوابت الرئيسية لأمن واستقرار الوطن وازدهاره.
لقد جاء التكريم الملكي لكوكبة المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، تأكيداً لدورهم الكبير في حفظ كرامة الوطن وعزته وشموخه، فهم الذين ساندوا ورافقوا الملوك الهاشميين في بناء الدولة الأردنية، وهم الذين كانوا وسيبقون الرديف الأمثل للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهم الذين رسموا صوراً مشرقةً في التميز والاحترافية والبطولة، وهم الذين حملوا أرواحهم على أكفهم عندما كانوا يذودون عن حمى الوطن في معارك الوغى عبر مائة عام من عمر الدولة الأردنية، وساروا بخُطىً ثابتةٍ نحو المئوية الثانية يساندون المؤسسات الوطنية ويعززونها برفدها بالكفاءات المدربة التي تم تأهيلها في أرقى المعاهد الأكاديمية والعسكرية المحلية والعالمية.
وان الاهتمام الملكي الهاشمي برفاق السلاح من العسكريين العاملين والمتقاعدين ليس بجديد، بل تأكيداً على أنهم كانوا على الدوام ضمن سلم الأولويات الثابتة لدى جلالة الملك المعظم، وبأنهم يحظون بالمكانة الاستثنائية لدى الأردنيين الذين ينظرون للجيش بإكبار، ويشعرون بسعادة كبيرة في كل مرة تشملهم فيها المكارم الملكية التي تضمن لهم الحياة الكريمة التي تليق بهم تقديراً وعرفاناً لتضحياتهم.