لا حرب في أوكرانيا

حالة من التوتر والاحتقان المدروس المنهجي، تستهدفه الولايات المتحدة، لجعل روسيا أداة وهدفاً، لأسباب سياسية اقتصادية، ليس لها علاقة بالحرص على استقلال أوكرانيا أو لحمايتها من التدخل أو الاجتياح الروسي.

روسيا تجري مناورات معروفة، معلومة مسبقاً، مشاهدها ومخططاتها مكشوفة، على حدود أوكرانيا، بهدف توصيل رسالة لأوكرانيا ولحلف الناتو أنها لن تسمح بمشاركة كييف بعضوية الناتو، أو جلب أدوات عسكرية قتالية أو الكترونية، أو هجومية بالقرب من حدودها.

المناورات الروسية، مجرد مناورات، ودلالة ذلك عودة القوات الروسية إلى ثكناتها على الحدود الأوكرانية بعد انتهاء المناورات، ولكن الولايات المتحدة وأدواتها الإعلامية، تعمل على تضخيم معطيات هذه المناورات، لهدف استباقي تجعل من روسيا وأوكرانيا في حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، لهدف اقتصادي تجاري، وليس له علاقة بردع هجوم روسي محتمل لأراضي أوكرانيا.

الولايات المتحدة، وبرنامج الرئيس بايدن والديمقراطيين، يُعطي الأولوية للتنافس الاقتصادي مع كل من الصين وروسيا، ولذلك تسعى لخلق الأزمات الداخلية أو الميحطة للبلدين، وجعلهما في حالة توتر واحتقان، وبوضع دفاعي يستلب منهما روح المبادرة الاقتصادية.

فقد انسحبت واشنطن من أفغانستان مع بداية تولي الرئيس بايدن سلطاته الدستورية، بدون اتفاق مبرمج، مع الحكومة الأفغانية وجعلها عارية ضعيفة مستهدفة من حركة طالبان التي سارعت للاستيلاء على السلطة، بموافقة أميركية غير معلنة، هدفها تولي طالبان السلطة في أفغانستان لمناكفة الصين شرقاً وإيران غرباً، وها هي تخلق مشكلة لموسكو على حدودها الغربية، بهدف إشغالها واستنزافها، وجعلها في حالة من التردي والتراجع، وفقدان أسواقها الاستقرار والطمأنينة.

وها هي تصنع لروسيا أزمتها، من خلال تحريض أوكرانيا نحو الانضمام إلى حلف الناتو، وهو أمر لن يتم ولن تسمح به موسكو، وواشنطن تدرك ذلك وتعيه، وهو نفس الموقف الذي اتخذته واشنطن في رفض إنضمام كوبا لحلف وارسو في خمسينيات القرن الماضي، وعدم السماح بوجود قوات سوفيتية آنذاك على ساحل حدودها الشرقية الجنوبية مع كوبا.

زيارة المستشار الألماني لكل من موسكو وكييف، قد تفلح في إزالة أسباب التوتر، من خلال عدم إنضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وإيجاد أرضية من التفاهم مع روسيا لإنهاء هذا التوتر أو على الأقل للتخفيف منه تدريجياً، لأن أوروبا تفهم دوافع المناورات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

حالة الاحتقان والتوتر وصلت ذروتها، وستبدأ بالتراجع المتتالي، وإشاعة الهدوء النسبي، خاصة بعد أن استنفدت موسكو مناوراتها، وبدأت قوتها للعودة إلى ثكناتها.