حكوا معي من فوق
سعيد الصالحي
"حكوا معي من فوق فوق" وقالوا "ترشح ودربك خضرة" هكذا كان يستهل المرشح للانتخابات البرلمانية معظم جلساته وبهذه الجملة ينتهي من شرح وتوضيح برنامجه الانتخابي للحاضرين، وعندما تظهر نتائج الانتخابات ويكون قد سقط سقوطا مدويا من "فوق فوق" فيبدأ بتبرير هذا السقوط على أنه كان ناجحا حتى آخر صندوقين عندما أفرزت اللجنة كل الأصوات لمرشح بعينه ليفوز بدلا منه وان الاربعة أصوات التي حصل عليها كانت انجازا كبيرا وبأنه أصبح لديه الخبرة لخوص الانتخابات القادمة، ولكننا في انتخابات البلديات واللامركزية لا نسمع نفس هذه الديباجات من المرشحين بل نسمع عبارة "خلص بكفي أبو فلان صار له كذا مرة، الله يعطيه العافية" وكأن المجلس البلدي مجلس للمخترة ويجب أن تنتقل المخترة من عائلة فلان لعائلة علان وتدور فالمخترة حق للجميع ولا يجب حصرها في شخص أو عائلة معينة.
وكمواطن يهمه الأمر أتوقع أن الانتخابات البلدية ستشهد أعلى نسبة عزوف عن المشاركة في التاريخ والسبب هو الظروف الاقتصادية التي تسحب المواطن خارج مجتمعه للاهتمام بتأمين التزاماته فقط فالمواطن هذه الايام لا يشغله إلا تلك الاشياء التي تمسه بشكل مباشر وتؤثر على معيشته اليومية أما الأشياء غير المباشرة التي يهملها كانتخابات البلديات أو النواب أو أداء الوزراء والحكومة والتي تنعكس عليه ويدفع ثمنها فيما بعد فلم يعد يلق لها بالا، لسببين أولهما هناك غيره ممن يملك الوقت والرفاهية ليهتم بهذا الموضوع أو ذاك أكثر منه وثانيهما أن النكتة حاضرة لديه في أي وقت لمشاركتها عبر الواتس اب أو الفايس بوك عند حاجتها في المستقبل القريب.
إن السلبية التي نتعاطى بها كمواطنين مع معظم القضايا العامة كأنها لا تعنينا جعلت الحكومة والنواب والمجالس البلدية تتعاطى مع هذه القضايا بسلبية كأنها لا تعنيهم أيضا.
السلبية صفة عامة في مجتمعنا فاقترح على الحكومة ضرورة الاسراع في انشاء منصة رقمية جديدة لمحاربة السلبية وتوفير جرعات الامل الحقيقي والسعادة الفعلية لهذا الشعب لانه يستحق.