هل من مخرج لأزمة الإضراب؟
ثمة سوء تقدير موقف من الطرفين،الحكومة كانت على قناعة بأن إضراب المعلمين لن يصمد أكثر من بضعة أيام، والنقابة اعتقدت أن الحكومة سترضخ لمطالبها بعد أيام.
مضى الوقت ولم يتراجع الطرفان عن موقفيهما، ومع دخول الإضراب أسبوعه الثالث،صارت كلفة التراجع باهظة على الحكومة والنقابة.الوقت الذي كان من الممكن فيه التوصل لتسوية نفد تقريبا.وساطات نيابية ومبادرات من عدة جهات وصلت كلها لطريق مسدود.
حوار الحكومة المباشر مع النقابة لم يسفر عن نتائج تذكر،سوى تلطيف الأجواء العامة دون تنازلات جوهرية.يمكن الإشارة هنا إلى مقترح الحكومة لحوار مفتوح مع النقابة حول جميع القضايا التي تهم المعلمين والعملية التربوية، وتنازلها عن المسار المهني مقابل دعوتها للنقابة للتنازل عن علاوة الخمسين بالمائة. الأخيرة من جهتها،أبدت مرونة فيما يخص العلاوة وتقسيطها على عدة سنوات،ووعد من الحكومة بالاعتراف بحق المعلمين فيها، لكن دون تراجع قيد أنملة عن الإضراب المفتوح.
يعتقد بعض المراقبين أن الحكومة كانت ستتصرف بطريقة مرنة مع النقابة لو أنها وافقت على طلب تعليق الإضراب والدخول بمفاوضات محددة بسقف زمني.
النقابة ومن خلفها ميدان متماسك، اكتشفت على نحو مذهل سر قوتها المتمثل بوحدتها،وبات من الصعب عليها التفريط بهذه الورقة، تحسبا من عدم قدرتها لاحقا على حشد المعلمين في حال فشلت المفاوضات مع الحكومة.وزاد من نشوة النقابة وتصلبها إدراكها لفشل الحكومة في كسر الإضراب رغم المحاولات المستميتة.
حسابات الحكومة في مقاربة الأزمة متشعبة ولها أبعاد كثيرة تتجاوز الجانب المالي على أهميته. أي صفقة ممكنة للحل في المستقبل ستطرح سؤال المسؤولية عن استمرارها طوال هذه المدة,وقد تجد الحكومة نفسها في عين العاصفة الشعبية والرسمية أيضا.
وفي الحسابات أيضا سؤال المليون ونصف المليون طالب وطالبة، ممن ضاعت عليهم أسابيع من العام الدراسي وبات مصيرهم في مهب الريح.
وعلى الطاولة مشاريع قرارات وإجراءات مؤلمة ربما تؤدي إلى تأجيج الأزمة وتوسيع دائرتها اجتماعيا ووطنيا.
كيف يمكن إذن الخروج من المأزق بأقل قدر ممكن من الخسائر للطرفين، وبما يضمن استئناف العام الدراسي بأسرع وقت؟
أفضل الحلول وأسهلها أن تعلق النقابة الإضراب وتجلس على طاولة المفاوضات، لكن مجلس النقابة يعتقد أن ما مضى من وقت على الإضراب وما يتمتع به الجسم الميداني من تماسك يمكن أن يحصل مكاسب أكبر من الوعود قبل الإقدام على هذه الخطوة.
الحكومة وإن فكرت بتنازلات للنقابة تخشى من ردة فعل قطاعات أخرى من الموظفين، ومن انكسارها أمام الشارع.
الرأي العام وإن تعاطف بشكل واسع مع المعلمين إلا انه منقسم حيال استمرار الإضراب،لكن التحول في موقفه بطيء وغير مؤثر على ميزان القوى لغاية الآن.
هل يمكن لدخول طرف ثالث أن يساعد في تجنيب الطرفين حرج التنازلات؟
ربما لكن لذلك ثمن على الطرفين أيضا.من الصعب على طرف واحد أن يخرج رابحا مائة بالمائة.
فهد الخيطان/الغد