سوريا نحو الجزائر
حمادة فراعنة
نعم نختلف مع سوريا، لأن لبلدينا ولشعبينا، ولكل منهما نظام مختلف، ولكن لا نستطيع الوقوف على أرجلنا وسوريا كسيحة، لا نشبع والسوريون جوعى، لن يتوفر لنا الأمان وسوريا تفتقده، لا نملك مواجهة عدونا الذي يحتل فلسطين والجولان، بدون أن نعمل ضده مع سوريا، وضرورة البحث في توظيف كافة إمكانياتنا القومية، وعن كل الوسائل الممكنة والمتاحة التي ستجبر المستعمرة واحتلالها على الرحيل، لذلك مهما اختلفنا مع سوريا في شكل النظام، وفي الاجتهاد، وفي التحالفات، سنبقى في خندق واحد، كالعائلة الواحدة المكونة من تكامل العلاقة بين الرجل والمرأة، كالشعب الواحد متعدد القوميات والأديان والمذاهب والرغبات.
نختلف مع السياسة السورية، في هذا العنوان أو ذاك، في هذه الأولوية أو تلك، ولكننا لا نستطيع أن نكون ضدها، بل ليس لنا خيار إلا أن نكون معها حتى تواصل العمل لاستعادة ما تبقى من أرضها، من تسلط التطرف والفوضى وعبث الثورة المضادة، ومؤامرات التحالف الأميركي الإسرائيلي الأوروبي الإقليمي، وليس هذا وحسب، بل وحتى تحرير الجولان من الضم التوسعي الاستعماري الإسرائيلي.
نختلف في التفاصيل، ولكننا نتفق على الهدف: أمن سوريا، أمن الأردن، والعراق ولبنان والخليج العربي ووادي النيل وشمال إفريقيا العربي، فالذي تعلمناه وفهمناه وأخلصنا له في سبيل أن تستوي عروبتنا وأمننا القومي وتطلعاتنا نحو الحرية والاستقلال والوحدة، وأن ننتصر .
دفعنا ثمن سايكس بيكو معاً، ووعد بلفور انتزع منا معاً، وتم احتلال القدس وما تبقى من فلسطين وسيناء والجولان معاً، لم يفرق جنود المستعمرة وجرائمهم ومداهماتهم بين الأردني والفلسطيني والسوري والمصري واللبناني، فالعرب كل العرب أعداء في نظر المستعمرة وسلوكها، لأنهم عقبات في طريق مواصلة استكمال برنامجها التوسعي، لبلع فلسطين والجولان، وإخضاع البلدان العربية وإضعافها والنيل منها بتسويق الانقسام وتغذيته، بين الأطراف العربية، بل بين صفوف الشعب الواحد، كما يفعل اليوم في تغذية الانقسام بين الضفة والقطاع، بين فتح وحماس، وإشاعة شيطنة كل فصيل نحو الآخر، ومدهما بأسباب الانقسام ودوافعه، وغباء الشعارات والاتهامات ومرض الأنانية التنظيمية الحزبية الضيقة.
تنشط الدبلوماسية الأردنية نحو إعلاء الصوت وتأدية الفعل من أجل ثلاثة أهداف سورية: 1- وحدة أراضيها، 2- استعادة عافيتها، 3- عودتها للجامعة العربية، لنا مصلحة في ذلك، وطنية وقومية، ذاتية وموضوعية، لا تبهرنا الشعارات والتضليل والديموغوجيا، ولا نقع فريسة الخلافات والتباين، فنحن ندفع ثمن الانحياز للشعب السوري، باحتضان المشردين اللاجئين منهم، حتى يعودوا آمنين كرماء لبلدهم وعزهم، ومرفوعي الرأس كما كانوا في بلدهم وأكثر.
عودة سوريا للجامعة العربية عنوان الهزيمة لكل المؤامرات التي استهدفتها، وهي تحد مطروح أمام قرار قمة الجزائر، لعل مكان انعقاده عامل جذب ووعي، فالجزائر لها قيمة ومكانة واحترام، تستحقه، له ثمن عليها أن تدفعه نحو سوريا، لتكون الجزائر محطة وحدة وتوافق وانتصار.