مزارع سياحية بجرش بلا ترخيص.. والتسويق لا يتناسب وقيمة المنتج

صابرين الطعيمات

جرش – بيوت الضيافة أو ما يعرف بـ "المزارع السياحية”، منتج يقدم نفسه على لائحة السياحة الداخلية في محافظة جرش، خارج اطار الترخيص والتنظيم وغياب تام للرقابة، ما يتيح للقائمين عليها حرية فرض الاسعار ومستوى تقديم الخدمة، فيما متلقو الخدمة وأغلبهم مواطنون قد يجدون انفسهم ضحية تسويق وهمي لا يتناسب وقيمة المنتج.
وشهدت هذه المزارع خلال السنوات الأخيرة رواجا لافتا، بعد ضخامة التسويق شبه المجاني لها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، على ان التسويق المميز لم يتعد تلك الصفحات لدى عدد كبير من هذه المزارع بعد ان اصطدم زوارها بفارق المساحة بين مستوى الترويج للخدمة والواقع القائم.
ومع إدراك أن هذا الوضع لا ينسحب على كافة هذه المزارع والتي يزيد عددها على 400 مزرعة وبيت ضيافة، اذ ان هناك من يحرص على تقديم الافضل وباسعار مناسبة، الا ان غياب الرقابة بشكل عام يبقي مصداقية وسلامة الخدمة في ذمة القائمين عليها.
يؤكد مواطنون يبحثون عن منتج سياحي في هذا الوقت من الموسم، أن استمرار الاجواء الباردة يعيق زيارة الاماكن السياحية المفتوحة في محافظة جرش خاصة وأن معظمها جبلية، بعكس المزارع السياحية والشاليهات التي تتوفر فيها غرف مغلقة وتدفئة وأجواء مناسبة للعائلات وأغلبها مطلة على الغابات والمواقع السياحية والأثرية في جرش وأجورها معتدلة وتحافظ على خصوصية الزوار وتقضي على ظاهرة التنزه العشوائي.
غير ان زوار تلك المزارع علقوا بالقول "إن العديد من المزارع السياحية تفتقد لمتطلبات السلامة العامة والاشتراطات الصحية، من برك سباحة مكشوفة وخطرة ومياهها قد تكون غير معقمة او معقمة بطريقة غير صحية، ومواقد الشواء لم يراع فيها متطلبات السلامة وهي بشكل عام قد تكون مصدر خطر أكثر من غيرها من المواقع السياحية وقد وقع اكثر من حادث فيها خلال السنوات الماضية.
يقول الزائر أمجد البشتاوي، إن ما يعرف بـ "المزارع” لا تتوفر فيها شروط السلامة العامة وتحتوي على مسابح وألعاب ومواقع شواء غير آمنة وعادية ولا تتناسب مع الحركة السياحية والإقبال عليها خاصة في هذه الفترة التي تنشط فيها السياحة الداخلية وتلجأ آلاف الأسر لارتياد هذه المزارع في محافظة جرش.
وأضاف أن معظم البرك والمسابح لا يتم تغيير المياه وتعقيمها باستمرار وكانت تتراكم فيها الأوساخ والأتربة والشوائب وغير معقمة أصلا على الرغم من استخدامها من قبل مئات الزوار أسبوعيا.
وتقول عبلة القادري إنها تعرضت لمشاكل جلدية متعددة جراء استخدام مياه المسابح في إحدى المزارع السياحية التي زارتها مؤخرا، والتي كانت تستأجرها ليوم واحد مع عدد من سيدات بلدتها.
وأوضحت أنه وبعدما ان قامت برفقة أطفالها بالسباحة بالبركة الخاصة بالمزرعة ظهرت لهم مشاكل جلدية استدعت زيارة أخصائي جلدية الذي صرف لها أدوية وعلاجات مكلفة، بعد ان تأكد ان مياه بركة السباحة هي السبب.
ورغم حبها لهذا النوع من النشاط السياحي الا انها تطالب بضرورة متابعة هذه المزارع التي يستثمرها اصحابها بأسعار وصفتها بـ "خيالية” بعيدا عن الرقابة.
ظاهرة المزارع السياحية وبيوت الضيافة، لم تقف عند متطلبات السلامة العامة والرقابة، اذ ان وجود العديد منها في قرى وبلدات جرش وقريبة من المساكن تسبب بالآونة الاخيرة بمشاكل اجتماعية.
نشطاء في السياحة حذروا من خطورة ترك هذه المزارع وبيوت الضيافة من دون رقابة رسمية، والتي تروج لها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وتقدم عروضا وخصومات وتخفيضات واجورا تشجع العائلات والزوار على استئجارها ولفترات طويلة وهي توفر كذلك خدمات فندقية وسياحية في أجوء طبيعية يصعب توفيرها في محافظات أخرى.
ووفق شاكر الحراحشة، فإن سياحة المزارع من أهم أنواع السياحة في محافظة جرش وبدأت بالنشاط في السنوات الأخيرة ونشطت اكثر خلال جائحة كورونا لما توفره من خصوصية تامة لزوارها، قائلا "يجب ان تخضع للرقابة الدورية كما يجب ترخيصها من وزارة السياحة والآثار لتنظيم عملها، خاصة هذه الفترة التي تشهد نشاطا في عملها قبل حلول شهر رمضان، ومع انتهاء الشهر الفضيل من المتوقع أن ترتفع الحجوزات فيها”.
وبين ان الميزات السياحية التي تتميز بها المحافظة يجب استثمارها واستغلالها بطرق آمنة وتحت الرقابة المشددة لمنع أي تجاوزات أو اخطاء أو إساءة قد تسبب مشاكل اجتماعية على المستوى البعيد كما حصل قبل نحو أسبوع في إحدى المزارع السياحية في محافظة جرش مما انعكس سلبا على المنتج السياحي في المحافظة.
إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في محافظة جرش أن عدد المزارع السياحية وبيوت الضيافة والنزل البيئية وهذه المواقع التي توفر خدمات سياحية ويتم استثمارها بشكل شخصي من قبل أصحابها تزيد على 400 موقع موزعة في مختلف القرى والبلدات في محافظة جرش.
وأضاف المصدر، كان من المتوقع أن يتم ترخيصها وتنظيم عملها تحت مسمى بيوت الضيافة وتتبع لوزارة السياحة قبل الجائحة، غير أن ظروف الجائحة أخرت هذا التوجه وسيتم العمل على ترخيصها قانونيا ومتابعة عملها في الفترة المقبلة.
وأكد المصدر ذاته، أن وزارة الداخلية معنية بمراقبة عملهم ومتابعة الملاحظات والشكاوى التي ترد بحقهم حرصا على سلامة مستخدميها والحد من حدوث أي تجاوزات اجتماعية وأخلاقية فيها.
وكان مدير سياحة جرش فراس الخطاطبة قد اكد في حديث سابق مع "الغد”، أن المزارع التي يستثمرها أصحابها في جذب الزوار والسياح إلى محافظة جرش ما زالت غير مرخصة وغير تابعة لسياحة جرش وسيتم في الفترة المقبلة ترخيصها قانونيا تحت مظلة وزارة السياحة ليتم متابعة عملها وتنظيم استثمارها حرصا على سلامة الزوار وراحتهم ومراقبة كافة الاشتراطات الصحية والهندسية والفنية فيها.
وأوضح أن هذه المنشآت التي تستثمر بمختلف الطرق وتحت عدة مسميات عددها بالمئات بمحافظة جرش وهي نشطة في هذه الفترة وتلقى رواجا بين الاسر والعائلات التي تفضل هذا النوع من السياحة البيئية التي تتميز بها محافظة جرش.
من جانبه يقول احد اصحاب هذه المزارع طلب عدم نشر اسمه، انه مع توجه ترخيص هذه المزارع معتبرا ان ذلك سيكون من مصلحة الزائر وصاحب المزرعة، بعد ان يتم تنظيم هذا النوع من النشاط السياحي.
واعتبر ان عدم غياب التنظيم والرقابة على هذه المزارع يفتح المجال امام المختصين وغير المختصين في ممارسة هذا النشاط وهو الامر الذي قد يعود بالسلبيات على هذا القطاع.
جدير ذكره، ان المئات من مزارعي محافظة جرش قد لجأوا الى تحويل مزارعهم الزراعية إلى مزارع سياحية لاستقطاب الزوار والاستفادة منها في ظل تراجع الإنتاج الزراعي وانخفاض أسعاره وتوالي المواسم غير المجدية نتيجة التغير المناخي والضرر الكبير الذي لحق بالمشاريع السياحية وسوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون بعد جائحة كورونا.
الغد