هي و العطر وحدراتي وبدراتي
أقفُ على بابكِ..لن أرنّ الجرس ؛ ولن أطرق الباب ..سأكتفي بأن أقف ؛ أقف فقط ..! الوقوف يجعلني أحلم قليلاً ..يحفزني للخيال ..قد تخرجين بعد قليل..وقد لا تخرجين و يطول وقوفي ..! أمّا إذا خرجتِ ؛ لا أريد أن أكون مُتهيئاً لكِ..كل ما أريده أن تري خرابي وأن أرى شلال شعرك وهو يدثرني بالأحلام ..!
حينما أمشي في الشوارع ..وأرى النساء المستعجلات في المشي ..كلّ النساء في شوارعنا مطلوبٌ منهنّ أن يستعجلن وأن يضعن عيونهن في الأرض..و الشباب يمشون أبطأ من سلحفاة ..و يتلفتون كيفما يريدون و يقهقون مع بعضهم ..آه لو فعلتها فتاةٌ أو امرأة ..عيب تعمل هيك ..هذه المرأة خفيفة ..أكيد تستنى بصاحبها أو تريد أن (تزبط) واحداً ..! تهم النساء جاهزة ..و براءة الرجال غير قابلة للاستئناف ..!
لذا ..أقف كي أشاهدك فقط ..وأعترف بأنني أحياناً أطاردك ..ومراتٍ أشعر بأنك تخدعين خطواتي نحوك ..فتدخلين حيّاً مليئاً بالعمارات ..ولا أعرف أيّ العمارات دخلتِ ..أريد أن اعرف ..أقف مذهولاً لخداعك ..وأقف لألعب (حدرة بدرة) على كل العمارات ..! هذه ..؟ لا ؛ هذه ..بل هذه ..مستحيل ..بل هذه ..! و أضيع بين (حدراتي و بدراتي) ..!!
فتأتيني الفكرة : ألم تمدح ذات يوم عطرها ..؟ ألم تقل لك إنها لا تستخدم إلاّ هذا النوع من العطور وقد هيّأته لك وحدك ..؟ هيّا اغمضْ عينيك و تذكّر عطرها.. وادخل (اسانسيرات) العمارات ..و الاسانسير الذي علق به العطر ..تكون هي..! هيّا ..لا تضيّعْ وقتاً ..!
ورحتُ ( أُشمشمُ) ..لا ليس هذا الاسانسير ؛ فهذا فيه رائحة طفلٍ لم ينتظر الوصول للبيت ..وليس هذا ؛ فهذا لا رائحة فيه إلا رائحة الخوف ؛ (يزقزق ) زيادة عن اللزوم ..! كلّ الاسانسرات لا عطر فيها إلاّ ذاك الاسانسير..رائحة العطر قويّة..و عطر انثويٌّ ..ينساب إليّ و يتسلل إلى مساماتي ..أستنشقه ..أركّزُ ..وأركزُ ..و أركزُ..
ليس عطرها..إذنْ ..ليست هنا ..! لويتُ (بوزي) أدرتُ ظهري للأسانسير..هناك من سحبه للأعلى ..ثمّ هبط ..انفتح بابه ..خرجت منه التي أبحثُ عنها ..ذات العطر الذي قبل قليل..مرّت من جنبي..زادت رائحة العطر الجديد ..
تأكدتُ الآن ..غيّرتْ عطرَها ؛ إذنْ غيّرتني..! هذي هي الأوطان ..تقف لتراقبها و تطاردها و تقف أيضاً ثم تقف ثم تقف.. وهي تهرب منك و تغيّرك حينما تدرك أنك (ما منّك فايدة) ..!