إللي بتغطى بأمريكا
عمر عياصرة
نشرت صحيفة «صنداي تايمز» تقريرا عن المخاوف السعودية بعدما رفض «النمر الاميركي الزئير والهدير» ضد ايران، واشار التقرير الى ان ثمة صدمة سعودية من التردد الاميركي.
وحتى ازيد على التقرير بيتا شعريا آخر، اقول انه منذ اجتمع ايزنهاور مع الملك عبد العزيز، في الخمسينيات، الى اليوم، لم تتعرض السعودية لهجوم كبير كما حدث في «ارامكو» اخيرا.
ومع ذلك، لم نر سياسيا اميركيا واحدا او صحفيا او مقالة، تطالب الولايات المتحدة الاميركية بالدفاع عن حليفها الاستراتيجي، مما يؤكد ان الامور تغيرت وان النظرة الاستراتيجية الاميركية لمنطقة الخليج لم تعد كما كانت في عام 1990، اي ابان احتلال نظام صدام حسين للكويت.
بعد ساعات من هجمات بقيق وخريص التي اوقفت 50% من انتاج النفط السعودي، كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب في اثناء لقاء انتخابي في ولاية نيو مكسيكو يقول ان الضربات لم تؤثر فيه، وان النفط السعودي لم يعد مهماً.
هذه الانعطافة الاميركية استراتيجية وليست تكتيكية، يتحدث عنها كثير من كبار المحللين، فاهتمام واشنطن بالمنطقة يتراجع وهناك توجه نحو جنوب شرق آسيا اكثر من اي وقت مضى.
المنطقة بالنسبة لواشنطن لم تعد نفطاً، فالقضية تقلصت – ربما – نحو أمن اسرائيل اكثر، وربما هناك رغبة بعقد صفقات سلاح اكثر وتسليع مخاوف دول الخليج الى آخر دولار ممكن.
تجربة ارامكو الاخيرة حري بها ان تجعل الرياض تحديدا في طور اعادة تقييم تحالفها مع الولايات المتحدة الاميركية، فالزمن لم يعد ذاك الزمن والرؤوس في واشنطن تغيرت الى حد التوحش.
لو كنت مكان الرياض لأعدت تقييم مفهوم الامن القومي والمجال الحيوي، فواشنطن لم تعد حليفا، بل هي ربما شريك او تحد في بعض الجوانب.
المنطقة تحتاج الى رشد عميق، والى تسويات ومصالحات حقيقية، والى تموضع يعيد انتاج علاقة سعودية تركية وباكستانية صحية تتم بها حالة تكافؤ مع ايران للخروج بتسوية شاملة تخدم المنطقة.
الجحود الاميركي الاخير للسعودية يحتاج الى مراجعة عميقة من الرياض، تبدأ بالمصالحة مع شعوب المنطقة، وتنتهي بمشروع عربي اسلامي متصالح مع مصالحه الحيوية.
زمان، كان الآباء يقولون انه «اللي بتغطى بالاميركان بيظل بردان»، ولعلها مقاربة باتت اكثر وضوحا وتحتاج من دولة مهمة كالسعودية إلى إعادة ترتيب الاوراق بما يتناسب مع «تغيير مزاج الحليف».