مجلس الأمن يستمع للرئيس الأوكراني..
نيويورك (الأمم المتحدة)- "القدس العربي”: عقد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، جلسة حول الأوضاع في أوكرانيا، بناء على طلب من رئيسة مجلس الأمن لشهر نيسان/أبريل، باربرا وودوارد، الممثلة الدائمة للملكة المتحدة.
وبدأت الجلسة باحتجاج من السفير الروسي، فاسيلي نيبنزيا، حول رفض الرئاسة البريطانية مرتين الطلب الروسي لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث ما حدث في بوتشا، وهو انتهاك لقواعد العمل الإجرائية في مجلس الأمن.
الأمين العام
كان أول المتحدثين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي تحدث عن غزو شامل لدولة مستقلة ذات سيادة، عضو في الأمم المتحدة وهي أوكرانيا، من قبل دولة أخرى، الاتحاد الروسي، العضو الدائم في مجلس الأمن، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة. غزو من بين أهدافه إعادة رسم الحدود المعترف بها دوليا بين البلدين.
وقال غوتيريش "لقد أدت الحرب إلى خسائر في الأرواح لا معنى لها، ودمار هائل في المراكز الحضرية، وتدمير البنية التحتية المدنية”. وأضاف "لن أنسى أبدا الصور المروعة للمدنيين الذين قُتلوا في بوتشا. وقد دعوت على الفور إلى إجراء تحقيق مستقل لضمان تحديد المسؤولية. كما أنني أشعر بصدمة شديدة من الشهادات الشخصية عن حالات الاغتصاب والانتهاك الجنسي لبعض المدنيين”.
وأضاف الأمين العام أن الهجوم الروسي أدى إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص في شهر واحد فقط، "إنها أسرع حركة ترحيل قسرية للسكان منذ الحرب العالمية الثانية”. وقال إن الحرب قد أدت إلى آثار سلبية واسعة خارج حدود أوكرانيا مثل زيادات هائلة في أسعار الغذاء والطاقة والأسمدة، لأن روسيا وأوكرانيا ركائز أساسية لهذه الأسواق. وأضاف "لقد تعطلت قنوات التصدير، وارتفعت تكاليف وسائل النقل، وأدت إلى المزيد من الضغط على اقتصاد دول العالم النامي. العديد من البلدان النامية كانت أصلا قبل هذه الحرب على وشك الانهيار بسبب الديون على أثر جائحة كورونا ونقص السيولة الكافية وتخفيف عبء الديون، والتي تعود في نهاية المطاف، إلى الطبيعة غير العادلة لاقتصاديات العالم والنظم المالية فيه”.
غوتيريش: الهجوم الروسي أدى إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص في شهر واحد فقط، إنها أسرع حركة ترحيل قسرية للسكان منذ الحرب العالمية الثانية
ودعا الأمين العام إلى ضرورة توقف الحرب في أوكرانيا الآن، "نحن بحاجة إلى مفاوضات جادة من أجل السلام، على أساس مبادئ وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”. وقال إن هذا المجلس مكلف بصون السلام وأعرب عن الأسف الشديد للانقسامات التي حالت دون قيام مجلس الأمن بالتصرف ليس فقط في مسألة أوكرانيا، ولكن في تهديدات أخرى للسلام والأمن في جميع أنحاء العالم. وأضاف "إنني أحث المجلس على بذل كل ما في وسعه لإنهاء الحرب والتخفيف من حدة تأثيرها، على شعب أوكرانيا، وعلى الأشخاص المعرضين للخطر والبلدان النامية حول العالم”.
وألقت روز ماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، كلمة شاملة حول الأوضاع السياسية في أوكرانيا. وأحاطت مجلس الأمن علما بما ورد عن انسحاب القوات الروسية من حول موقع تشيرنوبيل النووي، وهو ما قد يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء بعثة للمساعدة والدعم لتقديم المشورة الفنية وتقييم المعدات في الموقع في أقرب وقت ممكن. وقالت "يجب حماية وتأمين جميع المواقع النووية في أوكرانيا بشكل كامل. يجب تجنب العمليات العسكرية في هذه المواقع أو حولها”.
وحول أرقام الضحايا، قالت ديكارلو إنها غير دقيقة لكن حسب المكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فقد قتل 4801 على الأقل من المدنيين وجُرح ما لا يقل عن 2195 في الفترة ما بين 24 فبراير/ شباط و 4 نيسان/ أبريل 2022.
وأضافت أن الأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير المتعلقة بحالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للأشخاص الذين رفعوا أصواتهم ضد الغزو الروسي. فقد وثقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان حتى 30 مارس/ آذار، 22 حالة من الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لصحافيين وناشطي مجتمع مدني في مناطق كييف و ولوغانسك وغيرها. كما اعتقل 24 صحافيا محليا وتم اعتقال مسؤولين في مناطق خاضعة للسيطرة الروسية أفرج عن 13 فيما بعد. وطالبت ديمارلو بالإفراج الفوري عن جميع الأفراد الذين تعرضوا للاحتجاز بشكل تعسفي، بمن فيهم الصحافيون والمسؤولون المحليون ونشطاء المجتمع المدني وغيرهم. وحتى يوم 30 آذار/ مارس، سجلت المفوضية السامية لحقوق الإنسان مقتل سبعة صحافيين منذ بدء الأعمال العدائية.
وختمت روزماري ديكارلو قائلة: "إن هذه الحرب بدأت بالاختيار. ولا مناص من وقفها ووقف المعاناة التي تسببت بها. الأمم المتحدة مستعدة لفعل كل شيء في حدود إمكانياتها”.
الرئيس الأوكراني
تحدث بعد ذلك عن طريق الفيديو من كييف الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، فشكر أعضاء المجلس في البداية على عقد مثل هذا الاجتماع. وقال إنه عاد للتو من بلدة بوتشا المحررة والتي تعرضت لكل أنواع الجرائم. وقال إنه سيتكلم باسم هؤلاء المدنيين الذين قتلوا وعذبوا. وأوضح أن الجنود الروس لم يوفروا أحدا من القتل من الذين يخدمون أوكرانيا "عائلات بأكملها قتلت بأطفالها وبعضها أحرقت. كثيرون من المدنيين تعرضوا للتعذيب في بيوتهم وبعضهم مرت عليهم الدبابات، وقطعت أياديهم وتعرض بعضهم للنحر ونساء تم اغتصابهن أمام أطفالهن”. وأضاف "لقد شاهدتم تلك الصور والمقابر الجماعية. هناك جوع قد يصل إلى حد المجاعة في أفريقيا وآسيا واضطرابات سياسية في العديد من الدول لأسباب أمنية. أين مجلس الأمن؟ أين السلام؟ أين الضمانات التي يمثلها مجلس الأمن؟ واضح أنه لا يعمل. لقد شاهد العالم ما جرى في بوتشا لكن ليس في العديد من المدن الأخرى المحتلة”.
زيلنسكي: سيقول الروس إن كل هذه الجرائم غير صحيحة ومرتبة وتم إخراجها سينمائيا. لكن لا أحد يصدق ذلك، عليهم أن يدفعوا الثمن كي يتأدب المجرمون
وتساءل زيلنسكي ما هو الهدف من إنشاء المنظمة الدولية وما جاء في ميثاقها في الفصل الأول البند الأول؟ أليس حفظ السلام؟ جرائم حرب ترتكب الآن في أوكرانيا هي الأبشع منذ الحرب العالمية الثانية. القوات الروسية تحول المدن الأوكرانية إلى رماد، "كثير من المدن مرت فيما مرت به بوتشا. يجب ألا يفلت أحد من العقاب كما حدث مع هتلر وإيخمان. كيف للنظام الدولي الذي تم الاتفاق عليه في سان فرنسيسكو عام 1945 قد فشل في تحقيق أهدافه. علينا أن نعمل كل ما في وسعنا لتوريث الأجيال القادمة نظاما فعالا يحفظ السلم والأمن الدوليين”. وقال إن بلاده تملك الوضعية الأخلاقية لتقترح تعديل هذه النظام الدولي. وإذا فشل المجتمع الدولي في إصلاح النظام الدولي فإنه يقترح أحد حلين: "أطردوا روسيا من مجلس الأمن بصفتها دولة معتدية، ومصدر حرب، كي لا تمنع صدرور القرارات. أو أرونا أنتم كيف يمكن إصلاح المنظومة الدولية وكيف نقوم بخطوات لفرض السلام. وإذا فشلتم في هذا وذاك فأقترح أن تحلوا أنفسكم فلا حاجة لهذا النظام”. وقال إن بلاده تريد السلام وأوروبا تريد السلام والعالم يريد السلام. ودعا زيلنسكي لمؤتمر دولي للسلام يعقد في كييف.
وقال الرئيس الأوكراني إنه يعرف ما سيقوله المندوب الروسي. نفس ما قاله في إسقاط الطائرة الأندونيسية وما قالوه في سوريا. وأضاف "سيقولون إن كل هذه الجرائم غير صحيحة ومرتبة وتم إخراجها سينمائيا. لكن لا أحد يصدق ذلك، عليهم أن يدفعوا الثمن كي يتأدب المجرمون. روسيا تريد أن تحول أوكرانيا إلى أرض خراب. تسرق كل شيء تدمر كل شيء. وإذا استمر هذا سنعتمد على أنفسنا لا على المؤسسات الدولية. لكن كيف سيعرف المجرمون عبر العالم بأن هناك عقابا؟”.
السفيرة الأمريكية
من جهتها، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، إن العالم رأى تلك الصور المروعة في بوتشا. جثث هامدة ملقاة في الشوارع، تم إعدام هؤلاء على ما يبدو بإجراءات موجزة، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم. وقالت إن بلادها تعمل على التحقق من تلك الأحداث الموضحة في هذه الصور بشكل مستقل، إلا أنها ذكرت أعضاء المجلس بأنه بناءً على المعلومات المتاحة حاليا، فقد قامت الولايات المتحدة بالتحقق من أن أفرادا من القوات الروسية قد ارتكبوا جرائم حرب في أوكرانيا.
وحتى قبل مشاهدة الصور من بوتشا، كان الرئيس زيلينسكي، إلى جانب آخرين في المنطقة، يبلغون عن اختطاف الأطفال، إلى جانب رؤساء البلديات والأطباء والزعماء الدينيين والصحافيين وكل من يجرؤ على تحدي العدوان الروسي. ووفقًا لتقارير موثوقة – بما في ذلك تقرير مجلس مدينة ماريوبول – نُقل بعضهم إلى ما يسمى "بمعسكرات التصفية” حيث ورد أن القوات الروسية تنقل عشرات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين إلى روسيا.
وقالت السفيرة الأمريكية إن التقارير لديها تشير إلى أن عملاء الأمن الفيدرالي الروسي يصادرون جوازات السفر وبطاقات الهوية ويأخذون الهواتف المحمولة ويفصلون العائلات عن بعضها البعض. وأضافت "إنها حوادث تقشعر لها الأبدان. لا يمكننا أن ننظر بعيدا. كل يوم، نرى أكثر فأكثر مدى ازدراء روسيا لحقوق الإنسان. لهذا السبب أعلنت أمس أن الولايات المتحدة، بالتنسيق مع أوكرانيا والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.
السفيرة الأمريكية: كل كذبة نسمعها من المندوب الروسي هي دليل إضافي على أنهم لا ينتمون إلى مجلس حقوق الإنسان
وأضافت توماس- غرينفيلد أنه بالنظر إلى الكم الهائل من الأدلة، لا ينبغي أن يكون لروسيا موقع سلطة في هيئة هدفها تعزيز احترام حقوق الإنسان. ليس فقط هذا ذروة النفاق بل إنه خطير، "تستخدم روسيا عضويتها في مجلس حقوق الإنسان كمنصة للدعاية للإيحاء بأن لدى روسيا اهتماما مشروعا بحقوق الإنسان”. وقالت إن كل كذبة نسمعها من المندوب الروسي هي دليل إضافي على أنهم لا ينتمون إلى مجلس حقوق الإنسان. لقد صوتت 140 دولة عضو في الأمم المتحدة لإدانة روسيا بسبب حربها غير المبررة والأزمة الإنسانية التي أطلقتها على شعب أوكرانيا.
واختتمت السفيرة الأمريكية قائلة: "ها هي رسالتي لكم جميعا: حان الوقت الآن لمطابقة هذه الكلمات بالأفعال. تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان هو شيء في أيدينا، بشكل جماعي، ويمكن القيام به في الجمعية العامة. أصواتنا يمكن أن تحدث فرقا حقيقيا. مشاركة روسيا في مجلس حقوق الإنسان تضر بمصداقية المجلس. إنه يقوض الأمم المتحدة بأكملها. وهو مجرد خطأ واضح. دعونا نجتمع معا لنفعل الصواب – ولنفعل الصواب من قبل الشعب الأوكراني. دعونا نتخذ هذه الخطوة لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم. ودعونا نضاهي شجاعة الرئيس زيلينسكي، الذي يشرفنا أن يكون معنا اليوم”.
السفير الروسي
في بداية كلمته، شكر السفير الروسي فاسيلي بنيبنزيا منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس، الذي زار موسكو مؤخرا "والذي يعرف حجم الجهود الروسية لمساعدة المدنيين”. وقال إن القوات الروسية استطاعت تأمين نحو 123 ألف مدني في ماريبول ضمانا لحياتهم. وقال إن بعضهم اختار أن ينتقل إلى روسيا.
وخاطب السفير الروسي الرئيس الأوكراني قائلا: "لقد انتخبت عام 2019 ووعدت بحماية الروس في دونباس. فبعد انقلاب 2014 تحولت أوكرانيا إلى دولة معادية لروسيا. لقد تأملنا بك خيرا. لكن أعدت نفس خطاب سلفك. وطالبت الروس الأوكرانيين بالخروج من أوكرانيا وأعلنت حربا على اللغة الروسية. الحرب في أوكرانيا لم تتوقف منذ ثماني سنوات”.
السفير الروسي: نحن لم نتصرف مثل الأمريكان في العراق وسوريا.. لا تدع الغرب يا زيلينسكي يخدعك. الغرب سيقاتل حتى آخر جندي أوكراني
وقال نبينزيا "لقد عثرنا على العديد من الأوامر ضد الشعب الروسي في دونباس. النازيون الجدد في أوكرانيا يعتبرون أبطالا أوكرانيين. إنهم لا يخفون نازيتهم يرسمونها وشما على أجسامهم وفي وسائل التواصل الاجتماعي. لقد شكلوا الكتائب ويتصرفون كنازيين ويقتلون مثلهم، ويستخدمون المدنيين كدروع بشرية. لدينا مئات الفيديوهات والشهادات ضد ما تقولونه هنا. يشهدون بمساعدة القوات الروسية. وكذلك إرهاب القوات الأوكرانية. القوات الأوكرانية تنتشر داخل المدن والشوارع والمدارس وتستخدم المدنيين دروعا بشرية”.
وتابع السفير الروسي قائلا إن تلك الكتائب قامت بحرق الأوكرانيين والروس، واتهام القوات الروسية وهذا كذب في كذب. هؤلاء قتلوا على أيدي قواتهم ثم يتهمون القوات الروسية. "الجثث في بوتشا لم تكن موجودة ساعة انسحاب القوات الروسية، الجثث صورت بعد أربعة أيام. الغرب لا يريدون أن يسمعوا. لا تهمهم أوكرانيا. يريدون أن يطلقوا حربا ضد روسيا فهدفهم إطالة الحرب في أوكرانيا”. وقال في ختام كلمته: "لم نأت لاقتحام الأراضي الأوكرانية بل لنشر السلام ووقف الانتهاكات في أوكرانيا. نحن لم نتصرف مثل الأمريكان في العراق وسوريا… لا تدع الغرب يا زيلينسكي يخدعك. الغرب سيقاتل حتى آخر جندي أوكراني”.